للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَقْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْقِلُوهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَاتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي عَقْلِ الْمَوَالِي تَلْزَمُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ أَبَوْا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَوْ مُتَقَطِّعِينَ، وَقَدْ تَعَاقَلَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دِيوَانٌ، وَإِنَّمَا كَانَ الدِّيوَانُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ غَيْرُ قَوْمِهِ وَمَوَالِيهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» قَالَ مَالِكٌ وَالْوَلَاءُ نَسَبٌ ثَابِتٌ) .

ــ

[المنتقى]

وَالْعَمَلِ تَحْتَ الْجِدَرَاتِ فَهَذَا يَضْمَنُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بِعَيْنِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَيِّدُهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ، وَأَبَانَ ذَلِكَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَعَانَهُمَا أَوْ اسْتَعْمَلَهُمَا فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ سَأَلْت عِيسَى عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الصَّبِيِّ يَأْمُرُهُ الرَّجُلُ يَرْقَى فِي النَّخْلَةِ أَوْ يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ فَيَعْطَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ ضَامِنٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْعَمَلِ مِنْ الْخَطَرِ الْغَالِبِ الْمُسْتَفَادِ فَالْمُسْتَعْمِلُ لَهُ مُتَعَدٍّ عَلَى السَّيِّدِ مُتْلِفٌ لِمَالِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْعَمَلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَاسْتَأْجَرَهُ هَذَا فِيمَا هُوَ غَيْرُ مَخُوفٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي مَخُوفٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا عَمَلًا شَدِيدًا فِيهِ غَرَرٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَأُصِيبَ فِيهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَا أَذِنَ لَهُ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمُعْتَادَ مِنْ الْأَعْمَالِ دُونَ الْغَرَرِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ فِي سَفَرٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَضْمَنُ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَعْطَى صَبِيًّا ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً دَابَّةً يُسْقِيهَا فَيَعْطَبُ أَنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ أَنَّ الْمَوْلَى يَضْمَنُ فِي الْعَمَلِ الْمَخُوفِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمَوْلَى عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ مَالِكٌ بِالْكَبِيرِ غَيْرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مَدْخَلٌ فِي الْعَاقِلَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَيْسَتْ مِنْ ذَوِي النُّصْرَةِ، وَتَحْمِلُ الدِّيَاتِ مِنْ بَابِ النُّصْرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَتْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَرْأَةِ، وَهِيَ عَلَى السَّفِيهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِقَدْرِ مُلَائِهِ.

(ش) : قَوْلُهُ عَقْلُ الْمَوْلَى تَلْزَمُهُ الْعَاقِلَةُ يُرِيدُ يُؤْخَذُ بِهِ عَاقِلَةَ مَوَالِيهِ كَمَا لَوْ جَنَى رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلَى مِنْ الْعَرَبِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ مَوَالِيَهُ يَعْقِلُونَ عَنْهُ دُونَ الْقَتِيلِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْبَرْبَرِ، وَلَمْ يَسْتَرِقَّ فَإِنَّهُمْ يَتَعَاوَنُونَ كَالْعَرَبِ، وَأَمَّا مَنْ سُبِيَ وَأُعْتِقَ فَعَقْلُهُ عَلَى مَوَالِيهِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَسْلَمَ، وَلَا قَوْمَ لَهُ فَالْمُسْلِمُونَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ أَبَوْا يَعْنِي أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَصْرُوفًا إلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ لَزِمَهُمْ بِالشَّرْعِ غُرْمُهُ كَالْجَانِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَوْ مُتَقَطِّعِينَ يُرِيدُ أَنَّ مَوَالِيهِ يَعْقِلُونَ مَعَهُ إنْ كَانَ الْمَوْلَى، وَمُعْتَقُوهُ أَهْلَ دِيوَانٍ يَشْمَلُهُمْ أَوْ كَانُوا غَيْرَ أَهْلِ دِيوَانٍ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ، وَمُعْتَقُوهُ أَهْلَ دِيوَانٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ دِيوَانٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ دِيوَانِهِ يَعْقِلُونَ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلِهِ قَالَ أَشْهَبُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ لَمْ يَدْخُلُوا مَعَ مَنْ فِي الدِّيوَانِ، وَلْيَضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبَ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ أَشْهَبُ، وَهَذَا إذَا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ، وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى قَوْمِهِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَوْ مُتَقَطِّعِينَ، وَلَعَلَّهُ الَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَوْ مُتَقَطِّعِينَ يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>