للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ فَنَزَلْتُ وَعَقَلْتُ نَاقَتِي وَجَلَسْتُ أُحَدِّثُهُ فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ حَدِيثًا وَأَرَقُّهُ وَأَجْزَلُهُ

قَالَ فَمَا لَبِثْنَا أَنْ وَقَعَتْ ظِبْيَةٌ فِي الشَّرَكِ فَوَثَبَ وَوَثَبْتُ مَعَهُ فَخَلَّصَهَا مِنَ الْحَبَائِلِ ثُمَّ نَظَرَ فِي وَجْهِهَا مَلِيًّا ثُمَّ أَطْلَقَهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ

أَيَا شِبْهَ لَيْلَى لَنْ تُرَاعِي فَإِنَّنِي ... لَكَ الْيَوْمَ مِنْ بَيْنَ الْوُحُوشِ صَدِيقُ

وَيَا شِبْهَ لَيْلَى لَنْ تَزَالِي بِرَوْضَةٍ ... عَلَيْكِ سَحَابٌ دَائِمٌ وَبُرُوقُ

فَمَا أَنَا إِذْ أَشْبَهْتِهَا ثُمَّ لَمْ تَؤُبْ ... سَلِيمًا عَلَيْهَا فِي الْحَيَاةِ شَفِيقُ

فَفِرِّ فَقَدْ أَطْلَقْتُ عَنْكِ لِحُبِّهَا ... فَأَنْتِ لِلَيْلَى مَا حَيِيتُ طَلِيقُ

ثُمَّ أَصْلَحَ شَرَكَهُ وَعُدْنَا إِلَى مَوْضِعِنَا

فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْرِفَ أَمْرَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَمْنَا بَاقِي يَوْمِنَا فَلَمْ يَقَعْ لَنَا شَيْءٌ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا قَامَ إِلَى غَارٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ وَقُمْتُ مَعَهُ فَبِتْنَا بِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا فَنَصَبَ شَرَكَهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ وَقَعَتْ ظِبْيَةٌ شَبِيهَةٌ بِأُخْتِهَا بِالأَمْسِ فَوَثَبَ إِلَيْهَا وَوَثَبْتُ مَعَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا مِنَ الشَّرَكِ وَنَظَرَ فِي وَجْهِهَا مَلِيًّا ثُمَّ أَطْلَقَهَا فَمَرَّتْ فَأَنْشَأَ يَقُولُ

اذْهَبِي فِي كَلاءَةِ الرَّحْمَنِ ... أَنْتِ مِنِّي فِي ذِمَّةٍ وَأَمَانِ

تُرْهِبِينِي وَالْجِيدُ مِنْكِ لِلَيْلَى ... وَالْحَشَا وَالْبُغَامُ وَالْعَيْنَانِ

لَا تَخَافِي بِأَنْ تُهَاجِي بِسُوءٍ ... مَا تَغَنَّى الْحَمَامُ فِي الأَغْصَانِ

<<  <   >  >>