للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخائضين، والخوض هو الكفر بآيات الله، والاستهزاء بها.

الرابع: أنهم كانوا يكذّبون بالبعث. ولا يمكن أن يكون دخولهم النار متوقفًا على هذه السيئات كلها، بل كل واحد منها موجب لدخول النار، وأوّلها ترك الصلاة، وقوله تعالى {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} يدل على خلودهم في النار، ولا يخلد في النار إلا كافر ترك الصلاة كفرا.

الدليل الثالث: قوله تعالى في سورة النور رقم ٥٦، حاصله أن الله تعالى شرط لرحمته ثلاثة أمور:

الأول: إقامة الصلاة.

الثاني: إعطاء الزكاة.

الثالث: طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فمن ترك واحدا منها لا تناله رحمة الله، ومن لم تنله رحمة الله فهو كافر.

الدليل الرابع: قوله تعالى في سورة الماعون {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٤، ٥]، استدل به ابن القيم رحمه الله على كفر تارك الصلاة بحديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الروايات وموقوفها عليه في بعضها (١) أن السهو عنها ترْكها حتى يخرج وقتها.

الدليل الخامس: قوله تعالى في سورة مريم رقم ٥٩ و ٦٠ {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: ٥٩، ٦٠]، وبيان ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن غيا واد في جهنم بعيد القعر (٢)، يعني في أسفل جهنم، والمؤمن لا يكون في الطبقة السفلى من جهنم.

والوجه الثاني: أن الله تعالى قال: {إلا من تاب وآمن} وهو دليل أنه ليس بمؤمن، لأن المؤمن لا يطلب منه أن يؤمن فدلّ ذلك على أنه كافر، وطلب الإيمان من المؤمن من تحصيل الحاصل، وهو محال،


(١) تقدّم في الحاشية رقم (٤) أنه لا يصح مرفوعًا، وبيّنت في الحاشية رقم (٥) أن إسناده حسن موقوفا على سعد بن أبي وقاص.
(٢) إسناده ضعيف - وانظر بيان ضعفه في الحاشية رقم (٧).

<<  <   >  >>