للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُفْردَات والتصريف وَالْإِعْرَاب والتقديم وَالتَّأْخِير، وكل وَاحِدَة مِنْهَا ظنية، فَمَا توقف عَلَيْهَا فَهُوَ ظَنِّي بِخِلَاف العقليات نعم رُبمَا اقترنت بالدلائل النقلية أُمُور يعرف وجودهَا بالأخبار المتواترة، وَتلك الْأُمُور تَنْفِي هَذِه الِاحْتِمَالَات فَحِينَئِذٍ تفِيد الْيَقِين، فَالْكَلَام على الْإِطْلَاق لَيْسَ بِصَحِيح]

وَلَا يثبت بِالدَّلِيلِ النقلي مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ، كوجود الصَّانِع وَعلمه وَقدرته، ونبوة الرَّسُول حذار الدّور كَمَا لَا يثبت بِالدَّلِيلِ الْقطعِي مَا لَا يمْتَنع إثْبَاته ونفيه عقلا، كأكثر التكليفات ومقادير الثَّوَاب وَالْعِقَاب وأحوال الْجنَّة وَالنَّار، وَيثبت بهما مَا عدا هذَيْن الْقسمَيْنِ، كوحدانية الصَّانِع وحدوث الْعَالم، وَإِذا تعَارض الْعقلِيّ والنقلي يؤول النقلي

[وَلَو رجح الْعقل وقدح فِي النَّقْل يلْزم الْقدح فِيمَا يتَوَقَّف على الْعقل وَهُوَ النَّقْل فَيلْزم الْقدح فِي النَّقْل ويكتفي فِي الْمقَام الْخطابِيّ بِالظَّنِّ ويقنع بِظَنّ أَنه أَفَادَهُ

وَأما الْمقَام الاستدلالي فَهُوَ مَا يطْلب فِيهِ مَا أَفَادَهُ الْمُخَاطب سَوَاء كَانَ الْمقَام مِمَّا يُمكن أَن يُقَام عَلَيْهِ الْبُرْهَان أَو يكون من الظنون]

وَالدَّلِيل الَّذِي يكون دَلِيلا على إِثْبَات الْمَطْلُوب وَمَعَ ذَلِك يكون دافعا للدليل الَّذِي عَلَيْهِ تعويل الْخصم هُوَ النِّهَايَة فِي الْحسن والكمال، وَلَيْسَ كَذَلِك الدَّلِيل الَّذِي يكون مثبتا للْحكم، إِلَّا أَنه لَا يكون دافعا لمعارضة الْخصم

الدّين، بِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة: الْعَادة مُطلقًا، وَهُوَ أوسع مجالا، يُطلق على الْحق وَالْبَاطِل أَيْضا

ويشمل أصُول الشَّرَائِع وفروعها، لِأَنَّهُ عبارَة عَن وضع آلهي سائق لِذَوي الْعُقُول باختيارهم الْمَحْمُود إِلَى الْخَيْر بِالذَّاتِ، قلبيا كَانَ أَو قالبيا، كالاعتقاد وَالْعلم وَالصَّلَاة

وَقد يتجوز فِيهِ فيطلق على الْأُصُول خَاصَّة فَيكون بِمَعْنى الْملَّة، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {دينا قيمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم}

وَقد يتجوز فِيهِ أَيْضا فيطلق على الْفُرُوع خَاصَّة، وَعَلِيهِ {ذَلِك دين الْقيمَة} أَي: الْملَّة الْقيمَة يَعْنِي فروع هَذِه الْأُصُول

وَالدّين مَنْسُوب إِلَى الله تَعَالَى، وَالْملَّة إِلَى الرَّسُول، وَالْمذهب إِلَى الْمُجْتَهد

وَالْملَّة: اسْم مَا شَرعه الله لِعِبَادِهِ على لِسَان نبيه ليتوصلوا بِهِ إِلَى آجل ثَوَابه

وَالدّين مثلهَا، لَكِن الْملَّة تقال بِاعْتِبَار الدُّعَاء إِلَيْهِ، وَالدّين بِاعْتِبَار الطَّاعَة والانقياد لَهُ

وَالْملَّة: الطَّرِيقَة أَيْضا، ثمَّ نقلت على أصُول الشَّرَائِع، من حَيْثُ إِن الْأَنْبِيَاء يعلمونها ويسلكونها ويسلكون من أمروا بإرشادهم بِالنّظرِ إِلَى الأَصْل، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى النَّبِي الَّذِي تستند إِلَيْهِ، وَلَا تكَاد تُوجد مُضَافَة إِلَى الله تَعَالَى، وَلَا إِلَى آحَاد أمة النَّبِي، وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي جملَة الشَّرَائِع دون آحادها، فَلَا يُقَال: مِلَّة الله، وَلَا ملتي، وَلَا مِلَّة زيد، كَمَا يُقَال: دين الله، وديني، وَدين زيد

وَلَا يُقَال: الصَّلَاة مِلَّة الله

والشريعة تُضَاف إِلَى الله وَالنَّبِيّ وَالْأمة، وَهِي من حَيْثُ إِنَّهَا يطاع بهَا تسمى دينا، وَمن حَيْثُ إِنَّهَا

<<  <   >  >>