للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالشّرطِ، لِأَن دَرَجَات السَّبَب أَن يكون طَرِيقا للوصول إِلَى الحكم]

وَأَسْبَاب السَّمَاء: مراقيها: أَو نَوَاحِيهَا، أَو أَبْوَابهَا

وَالسَّبَب: مَا يكون وجود الشَّيْء مَوْقُوفا عَلَيْهِ، كالوقت للصَّلَاة

وَالشّرط: مَا يتَوَقَّف وجود الشَّيْء عَلَيْهِ، كَالْوضُوءِ للصَّلَاة

وَقيل: السَّبَب مَا يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَمن وجوده (الْوُجُود بِالنّظرِ إِلَى ذَاته، كالزوال مثلا، فَإِن الشَّرْع وَضعه سَببا لوُجُود الظّهْر، وَالشّرط مَا يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَلَا يلْزم من وجوده) وجود وَلَا عدم لذاته، مِثَاله: تَمام الْحول بِالنِّسْبَةِ إِلَى وجوب الزَّكَاة فِي الْعين والماشية

وَالسَّبَب التَّام: هُوَ الَّذِي يُوجد الْمُسَبّب بِوُجُودِهِ

والنحويون لَا يفرقون بَين السَّبَب وَالشّرط، وَكَذَا بَين السَّبَب وَالْعلَّة، فَإِنَّهُم ذكرُوا أَن اللَّام للتَّعْلِيل، وَلم يَقُولُوا للسَّبَبِيَّة، وَقَالَ أَكْثَرهم: الْبَاء للسَّبَبِيَّة، وَلم يَقُولُوا للتَّعْلِيل، وَعند أهل الشَّرْع يَشْتَرِكَانِ فِي تَرْتِيب الْمُسَبّب والمعلول عَلَيْهِمَا، ويفترقان من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن السَّبَب مَا يحصل الشَّيْء عِنْده لَا بِهِ، وَالْعلَّة مَا يحصل بِهِ، وَالثَّانِي أَن الْمَعْلُول يتأثر عَن علته بِلَا وَاسِطَة بَينهمَا وَلَا شَرط يتَوَقَّف الحكم على وجوده، وَالسَّبَب إِنَّمَا يُفْضِي إِلَى الحكم بِوَاسِطَة أَو بوسائط، وَلذَلِك يتراخى الحكم عَنهُ حَتَّى تُوجد الشَّرَائِط وتنتفي الْمَوَانِع، وَأما الْعلَّة فَلَا يتراخى الحكم عَنْهَا، إِذْ لَا شَرط لَهَا، بل مَتى وجدت أوجبت معلولها بالِاتِّفَاقِ، وَمَا يُفْضِي إِلَى شَيْء، إِن كَانَ إفضاؤه دَاعيا سمي عِلّة، وَإِلَّا سمي سَببا مَحْضا

[وَقد يُرَاد بِالسَّبَبِ الْعلَّة كَمَا يُقَال: النِّكَاح سَبَب الْحل، وَالطَّلَاق سَبَب لوُجُوب الْعدة شرعا كَمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْفُقَهَاء]

وَالْعلَّة الشَّرْعِيَّة تحاكي الْعلَّة الْعَقْلِيَّة أبدا لَا تفترقان، إِلَّا أَن الْعلَّة الْعَقْلِيَّة مُوجبَة

وَاعْلَم أَن الوسائط بَين الْأَسْبَاب وَالْأَحْكَام تَنْقَسِم إِلَى مُسْتَقلَّة وَغير مُسْتَقلَّة

فالمستقبلة يُضَاف الحكم إِلَيْهَا وَلَا يتَخَلَّف عَنْهَا، وَهِي الْعلَّة

وَغير المستقلة مِنْهَا مَا لَهُ مدْخل فِي التَّأْثِير ومناسبة إِن كَانَ فِي قِيَاس المناسبات، وَهُوَ السَّبَب، وَمِنْهَا مَا لَا مدْخل لَهُ، وَلَكِن إِذا انْعَدم يَنْعَدِم الحكم وَهُوَ الشَّرْط، وَبِهَذَا تبين ترقي رُتْبَة الْعلَّة عَن رُتْبَة السَّبَب

وَمن ثمَّة يَقُولُونَ: إِن الْمُبَاشرَة تتقدم على السَّبَب، ووجهة أَن الْمُبَاشرَة عِلّة وَالْعلَّة أقوى من السَّبَب وَلَا تحسب أَن الشَّرْط أَضْعَف حَالا وَأنزل رُتْبَة من السَّبَب، بل الشَّرْط يلْزم من عَدمه الْعَدَم، وَهُوَ من هَذِه الْجِهَة أقوى من السَّبَب، إِذْ السَّبَب لَا مُلَازمَة بَينه وَبَين الْمُسَبّب انْتِفَاء وثبوتا، بِخِلَاف الشَّرْط

وَالسَّبَب وَالْعلَّة يطلقان على معنى وَاحِد عِنْد الْحُكَمَاء، وَهُوَ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ شَيْء آخر، وَكَذَا الْمُسَبّب والمعلول فَإِنَّهُمَا يطلقان عِنْدهمَا على مَا يحْتَاج إِلَى شَيْء آخر، لَكِن أَصْحَاب علم

<<  <   >  >>