وَالْقدر: عبارَة عَن وجود جَمِيع الموجودات فِي موادها الخارجية، أَو بعد حُصُول شرائطها وَاحِدًا بعد وَاحِد
وسر الْقدر: هُوَ أَنه يمْتَنع أَن تظهر عين من الْأَعْيَان إِلَّا حسب مَا يَقْتَضِيهِ استعدادها
وسر سر الْقدر: هُوَ أَن تِلْكَ الاستعدادات أزلية لَيست مجعولة بِجعْل الْجَاعِل لكَون تِلْكَ الْأَعْيَان أظلال شؤونات ذاتية مُقَدّمَة عَن الْجعل والانفعال
وَالتَّفْصِيل: أَن الْقَضَاء هُوَ الحكم الْكُلِّي الإجمالي على أَعْيَان الموجودات بأحوالها من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد، مثل الحكم بِأَن كل نفس ذائقة الْمَوْت
وَالْقدر: هُوَ تَفْصِيل هَذَا الحكم بِتَعْيِين الْأَسْبَاب وَتَخْصِيص إِيجَاد الْأَعْيَان بأوقات وأزمان بِحَسب قابلياتها واستعداداتها الْمُقْتَضِيَة للوقوع مِنْهَا وَتَعْلِيق كل حَال من أحوالها بِزَمَان معِين وَسبب مَخْصُوص، مثل الحكم بِمَوْت زيد فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ بِالْمرضِ الْفُلَانِيّ
[والنزاع الْوَاقِع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْعَال الصادرة عَن الْعباد لَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء
وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: إِن الْقدر عبارَة عَن تعلق الْقُدْرَة والإرادة بإيجاد جَمِيع الْأَشْيَاء التَّعَلُّق التنجيزي الْوَاقِع فِيمَا لَا يزَال، وَالْقَضَاء عبارَة عَن تعلقهَا بهَا التَّعَلُّق الْمَعْنَوِيّ الْحَاصِل فِي الْأَزَل
فالقضاء سَابق على الْقدر، وَالْقدر وَاقع على سببيه، وَتَحْقِيق هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا تسكب فِيهِ العبرات، وَلَا عذر لأحد فِي الْقَضَاء وَالْقدر والتخليق والإرادة لِأَن هَذِه الْمعَانِي لم يجعلهم مضطرين إِلَى مَا فعلوا، بل فعلوا مَا فعلوا مختارين فَصَارَ خلق الْفِعْل وإرادته وَالْقَضَاء بِهِ وَتَقْدِيره كخلق الْأَوْقَات والأمكنة الَّتِي تقع فِيهَا الْأَفْعَال وَلَا تقع بِدُونِهَا وَلم تصر تخليق شَيْء من ذَلِك عذرا لِأَنَّهُ لَا يُوجد اضطرار]
(قَالَ الْمُحَقق فِي " شرح الإشارات ": الْجَوَاهِر الْعَقْلِيَّة وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فِي الْقَضَاء وَالْقدر مرّة وَاحِدَة باعتبارين، والجسمانية وَمَا مَعهَا مَوْجُودَة فيهمَا مرَّتَيْنِ)
وَقد يُطلق الْقَضَاء على الشَّيْء الْمقْضِي نَفسه وَهُوَ الْوَاقِع فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جهد الْبلَاء، ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء " والرضى بِهِ لَا يجب على هَذَا الْمَعْنى وَلذَلِك استعاذ مِنْهُ وَالْوَاجِب الرضى بِالْقضَاءِ أَي بِحكم الله وتصرفه وَأما الْمقْضِي فَلَا، إِلَّا إِذا كَانَ مَطْلُوبا شرعا كالإيمان وَنَحْوه وَقد ورد أَن الله تَعَالَى يَقُول: " من لم يرضى بقضائي وَلم يشْكر نعمائي وَلم يصبر على بلائي فليتخذ إِلَهًا سوائي "
وَالْقدر مرضِي لِأَن التَّقْدِير فعل الله لَا الْمُقدر، إِذْ يُمكن أَن يكون فِي تَقْدِير الْقَبِيح حِكْمَة بَالِغَة
وَقَضَاء الله عِنْد الأشاعرة: إِرَادَته الأزلية الْمُتَعَلّقَة بالأشياء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا لَا يزَال
وَقدره: إيجاده الْأَشْيَاء على قدر مَخْصُوص وَتَقْدِير معِين فِي ذواتها وَأَحْوَالهَا
(وَالْقدر: هُوَ مَا يقدره الله تَعَالَى من الْقَضَاء يُقَال: قدرت الشَّيْء أقدره وأقدره قدرا وَقدرته تَقْديرا فَهُوَ قدر أَي مَقْدُور. كَمَا يُقَال: هدمت الْبناء فَهُوَ هدم أَي مهدوم وَلَك أَن تسكن الدَّال مِنْهُ وَهُوَ فِي الأَصْل