وَيجوز جمع المصادر وتثنيتها إِذا كَانَ فِي آخرهَا تَاء التَّأْنِيث كالتلاوات والتلاوتين، أَو يؤول بالحاصل بِالْمَصْدَرِ، فَيجمع كالعلوم والبيوع، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وتظنون بِاللَّه الظنونا} وَكَذَا يجمع إِذا أُرِيد بِهِ الصّفة أَو الِاسْم، وَكِلَاهُمَا شَائِع كالتسبيحات
وَمن المصادر مَا يَجِيء مثنى، وَالْمرَاد التكثير لَا حَقِيقَة التَّثْنِيَة، وَإِنَّمَا جعلت التَّثْنِيَة علما لذَلِك لِأَنَّهَا أول تَضْعِيف الْعدَد وتكثيره من ذَلِك (لبيْك) وَهُوَ عِنْد سِيبَوَيْهٍ مصدر مثنى مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد، و (سعديك) وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول أَيْضا، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مَعْطُوفًا على (لبيْك) و (حذاريك) ، بِفَتْح الْمُهْملَة أَي: احذر حذرا بعد حذر، وَهُوَ مُضَاف إِلَى الْفَاعِل، وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد و (حنانيك) ، وَقد اسْتعْمل لَهُ مُفْرد أَيْضا
{وَحَنَانًا من لدنا} أَي: رَحْمَة
ودواليك: أَي إدالة بعد إدالة وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد، فَكَأَنَّهُ تَثْنِيَة (دوال) ، كَمَا أَن حواليك تَثْنِيَة (حوال)
وَإِذا كَانَ الْمصدر مُسْتَعْملا فِي معنى اسْم الْمَفْعُول فالمعهود اسْتِعْمَاله، بِغَيْر التَّاء كَقَوْلِهِم للمخلوق خلق، وللمنسوج نسج، وَلذَلِك قَلما يُوجد فِي عِبَارَات القدماء اللَّفْظَة بل اللَّفْظ
ومعمول الْمصدر كالصلة فَلَا يجوز الْفَصْل بَينه وَبَين معموله بأجنبي
والمصدر إِذا كَانَت فِيهِ تَاء الْوحدَة يشبه الجوامد مثل: تَمْرَة ونخلة، فيضعف مشابهته للْفِعْل فَلَا يعْمل
وَقَالَ بَعضهم: الْمصدر الْمَحْدُود بتاء التَّأْنِيث لَا يعْمل إِلَّا فِي قَلِيل من كَلَامهم
والمبني على التَّاء يعْمل كَقَوْلِه:
(فلولا رَجَاء النَّصْر مِنْك وَرَهْبَة ... عقابك قد كَانُوا لنا بالموارد)
فأعمل (رهبة) لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على التَّاء، وَشرط عمله أَن لَا يكون مَفْعُولا مُطلقًا، وَإِذا وصف بِهِ اسْتَوَى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد وَغَيره، ونصوا على أَن الْمصدر المنسبك من أَن وَالْفِعْل لَا ينعَت كالضمير، فَلَا يُقَال: (أعجبني أَن تخرج السَّرِيع) ، وَلَا فرق بَين هَذَا وَبَين بَاقِي الْحُرُوف المصدرية، (وَالرَّفْع فِي بَاب المصادر الَّتِي أَصْلهَا النِّيَابَة عَن أفعالها يدل على الثُّبُوت والاستقرار، بِخِلَاف النصب فَلَا يدل على التجدد، والحدوث الْمُسْتَفَاد من عَامله الَّذِي هُوَ الْفِعْل فَإِنَّهُ مَوْضُوع للدلالة عَلَيْهِ، بِخِلَاف الْجُمْلَة الاسمية فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة للدلالة على الثُّبُوت مُجَردا عَن قيد التجدد والحدوث، فَنَاسَبَ أَن يقْصد بهَا الدَّوَام والثبات بِقَرِينَة الْمقَام ومعونته
والمصدر الْمُؤَكّد لَا يقْصد بِهِ الْجِنْس)
وكل مصدر عِنْد الْعَمَل مؤول بِأَن مَعَ الْفِعْل، لَكِن لَيْسَ على إِطْلَاقه، بل قد يكون عَاملا بِدُونِهِ
(قيل: التَّأْوِيل فِي تقدم مَعْمُول الْمصدر إِنَّمَا هُوَ فِي الْمصدر الْمُنكر دون الْمُعَرّف، وَهَذَا مَمْنُوع نقلا، فَإِن الْمَنْصُوص استواؤهما فِي التَّأْوِيل، وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الإعمال، والمرجح استواؤهما أَيْضا فِي أَصله، وَإِن كَانَ إِعْمَال الْمُنكر أَكثر،