وإن قال نفاة الصفات: إثبات العلم والقدرة والإرادة مستلزم تعدد الصفات، وهذا تركيب ممتنع. وإذا قلتم: هو موجود واجب، وعقل وعاقل ومعقول أفليس المفهوم من هذا هو المفهوم من هذا؟ فهذه معان متعددة متغايرة في العقل، وهذا تركيب عندكم، وأنتم تثبتونه وتسمونه توحيداً. فإن قالوا: هذا توحيد في الحقيقة وليس هذا تركيباً ممتنعاً. قيل لهم: واتصاف الذات بالصفات اللازمة لها توحيد في الحقيقة، وليس تركيباً ممتنعاً.
ش: يعني إذا قال نفاة الصفات: من غلاة الفلاسفة والجهمية إثبات الصفات لله يستلزم التركيب وهذا تشبيه للخالق بالمخلوق، لأن هذه صفات متغايرة متعددة فيلزم أن يكون المتصف بها مركبا منها، قيل لهم: أولا أنتم تثبتون صفات متغايرة متعددة، كوصفكم الله بالوجود والوجوب، وقولكم عنه سبحانه أنه عقل وعاقل ومعقول فالمفهوم من هذه الصفات التي أثبتموها مثل المفهوم من الصفات التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله ووصفه بها المؤمنون: كالاستواء، والعلم، والقدرة، والمحبة، والغضب، والرضا، المفهوم من الجميع واحد، من حيث كل صفة مغايرة للأخرى، ومن حيث التعدد فلم نفيتم هذه الصفات وأثبتم تلك الصفات؟ فإذا قالوا: الذي أثبتناه إنما هو في الحقيقة توحيد وليس تركيباً، قيل لهم: والذي أثبتناه لأن الله أثبته لنفسه وأثبته له رسوله، إنما هو في الحقيقة توحيد وليس مستلزماً للتركيب، ويقال لهم: ثانيا أتعنون بالمركب الذي كان مفترقا فاجتمع؟ أو ركبه مركب فجمع أجزاءه أو ما أمكن تأليفه أو تبعيضه وانفصال بعضه عن بعض ونحو ذلك؟ فإن أردتم