وإذا تأملت ذلك: وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لو يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب، لم يثبتوا في الحقيقة إلها محمودا، بل ولا موجوداً، وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالو لا يتكلم أو لا يرى أو ليس فوق العالم، أو لم يستو على العرش، ويقولن ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا مباين للعالم ولا مجانب له، إذ هذه الصفات يمكن أن يوصف بها المعدوم، وليست هي صفة مستلزمة صفة ثبوت
ش: بعد أن مثل المؤلف بعدة آيات فيها وصف الله بالنفي المتضمن لإثبات صفات الكمال قال بعد ذلك: إذا تتبعت القرآن ونظرت فيه نظر متأمل وجدت كل نفي وصف الله به نفسه هو من هذا القبيل، وذلك كنفي الظلم الدال على إثبات العدل، ونفي الشريك والظهير الدال على إثبات الوحدانية وتمام الملك، ونفي الكفؤ والمثيل الدال على الكمال المطلق، فالوجود كمال كله، فإن العدم كاسمه لاشيء وهو سبحانه قد وصف نفسه بأنه لم يكن له كفواً أحد، بعد وصفه