ولهذا افترق الناس في هذا المقام ثلاث فرق: فالسلف والأئمة وأتباعهم آمنوا بما أخبر الله عن نفسه وعن اليوم الآخر مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين الآخرة، وأن مباينة الله لخلقه أعظم. والفريق الثاني: الذين أثبتوا ما أخبر به في الآخرة من الثواب والعقاب، ونفوا كثيرا مما أخبر به في الآخرة من الثواب والعقاب، والفريق الثالث: نفوا هذا وهذا، كالقرامطة، والباطنية، والفلاسفة، أتباع المشائين ونحوهم من الملاحدة الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر.
ثم إن كثيرا منهم يجعلون الأمر والنهي من هذا الباب، فيجعلون الشرائع المأمور بها، والمحظورات المنهي عنها تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها، كما يتأولون الصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان وحج البيت، فيقولون: أن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم، وأن صيام رمضان كتمان أسراهم، وأن حج البيت سفر إلى شيوخهم، ونحو ذلك من التأويلات التي يعلم بالاضطرار أنها كذب وافتراء على الرسل، صلوات الله عليهم، وتحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه، والحاد في آيات الله، وقد يقولون: الشرائع تلزم العامة دون الخاصة، فإذا