صار الرجل من عارفيهم ومحققيهم وموحديهم، رفعوا عنه الواجبات وأباحوا له المحظورات.
ش: يعني ومن أجل التوافق في الاسم، وفي المعنى العام وكون التفاوت بين الخالق والمخلوق أعظم من التفاوت الحاصل بين حقائق الدنيا وحقائق الآخرة، من أجل هذا افترق الناس فيما أخبر الله به عن نفسه من حقائق الصفات، وما أخبر به عن اليوم الآخر إلى ثلاث فرق: فأهل السنة والجماعة آمنوا بما أخبر الله به عن نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال ونزهوه عن الند والمثال كما آمنوا بما أخبر الله به عن اليوم الآخر، وما أعد الله لمن أطاعه وعصاه من الجزاء، والفرقة الثانية آمنوا ببعض وهو الإيمان بما أخبر الله به عن اليوم الآخر وامتثال الأمر، واجتناب النهي، والجزاء على الأعمال، بينما نفوا حقائق أسماء الله وصفاته، وهم أهل التحريف والتأويل، الذين يقولون أن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال – ما في نفس الأمر- وأن الحق في نفس الأمر هم ما علمناه بعقولنا، ثم يجتهدون في تأويل هذه النصوص بأنواع التأويلات التي يحتاجون فيها إلى إخراج اللغات عن طرقها المعروفة، وإلى الاستعانة بغرائب المجازات والاستعارات، فلا يقصدون مراد المتكلم به وحمله على ما يناسب حاله، وكل تأويل لا يقصد به صاحبه بيان مراد المتكلم وتفسير كلامه على الوجه الذي يعرف به مراده فصاحبه كاذب على من تأول كلامه، وقول المؤلف "مثل طوائف من أهل الكلام" يعني كالجهمية والمعتزلية ونحوهم، والفرقة الثالثة نفت ما دلت عليه نصوص المعاد، من البعث والنشور والجزاء على الأعمال، كما نفت ما دلت عليه نصوص الصفات من نعوت الجلال وأوصاف الكمال، وهذا ضلال صراح وكفر بواح، وهؤلاء هم الغلاة، من القرامطة والباطنية الإسماعيلية، والفلاسفة المشائين، وقول المؤلف "والباطنية بالعطف على القرامطة" يشير إلى أن هذه فرقة أخرى غير أتباع حمدان.