[المعتزلة لا يثبتون حكمة تعود إلى الله تعالى فيما خلقه وأمر به]
...
قوله:-
ثم إن كلتا الطائفتين لما كانت تنكر أن يوصف الله بالمحبة والرضا والسخط والفرح ونحو ذلك، مما جاءت به النصوص الإلهية، ودلت عليه الشواهد العقلية تنازعوا بعد اتفاقهم على أن الله لا يفعل ما هو منه قبيح، هل ذلك ممتنع لذاته، وأنه لا يتصور قدرته على ما هو قبيح أو أنه سبحانه منزه عن ذلك، لا يفعله لمجرد القبح العقلي الذي أثبتوه؟ على قولين والقولان في الانحراف من جنس القولين المتقدمين، أولئك لم يفرقوا في خلقه وأمره بين الهدى والضلال، والطاعة والمعصية والأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار، والرحمة والعذاب، فلا جعلوه محمودا على ما فعله من العذاب أو ما تركه من الظلم ولا ما فعله من الإحسان والنعمة، وما تركه من التعذيب والنقمة والآخرون نزهوه بناء على القبح العقلي الذي أثبتوه، ولا حقيقة له وسووه بخلقه فيما يحسن ويقبح وشبهوه بعباده فيما يأمر به وينهى عنه.
ش: يعني أن المعتزلة وأتباعهم، والأشاعرة وأتباعهم بناء على قول الطائفة الأولى أن الله فعل المفعولات وأمر بالمأمورات لحكمة تعود إلى الخلق من غير أن يعود إليه من ذلك حكم أو يقوم به فعل أو نعت، وقول الطائفة الثانية أن الله خلق المخلوقات وأمر بالمأمورات لا لعلة ولا داع ولا باعث بل فعل ذلك لمحض المشيئة وصرف الإرادة وبناء على نفيهم صفة المحبة والبغض والغضب والرضاء والسخط والفرح ونحو ذلك من الصفات التي ينفيها كل من الطائفتين مما دل عليه نصوص الكتاب والسنة وشهدت به البراهين العقلية، بناء على كل ما سبق تنازعوا في عدم وقوع الظلم من الله، هل ذلك ممتنع لذاته وليس ممكنا ولا مقدورا أم أنه ممتنع على الله لمجرد القبح العقلي فقط؟، وكل من هذين القولين باطل وهما في