للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفناء يراد به ثلاثة أمور

قوله:

والفناء يراد به ثلاثة أمور أحدها: الفناء الديني الشرعي الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب وهو أن يفنى عما لم يأمره الله به بفعل ما أمره الله به فيفنى عن عبادة غير الله بعبادته وعن طاعة غير الله بطاعته وطاعة رسوله، وعن التوكل على غيره بالتوكل عليه، وعن محبة ما سواه بمحبته ومحبة رسوله، وعن خوف غيره بخوفه بحيث لا يتبع العبد هواه بغير هدى من الله وبحيث يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ، فهذا كله مما أمر الله به ورسوله.

وأما الفناء الثاني: وهو الذي يذكره بعض الصوفية فهو أن يفنى عن شهود ما سوى الله تعالى، فيفنى بمعبوده عن عبادته وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته بحيث يغيب عن شهود نفسه لما سوى الله تعالى فهذا حال ناقص قد يعرض لبعض السالكين وليس هو من لوازم طريق الله ولهذا لم يعرف مثل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا السابقين الأولين ومن جعل هذا نهاية السالكين فهو ضال ضلالا مبينا وكذلك من جعله من لوازم طريق الله فهو مخطىء خطأ فاحشا بل هو من عوارض طريق الله التي تعرض لبعض الناس دون بعض ليس هو من اللوازم التي تحصل لكل سالك. وأما الثالث: فهو الفناء عن وجود السوى بحيث يرى أن وجود المخلوق هو عين وجود الخالق وأن الوجود فيهما واحد بالعين"، فهذا قول أهل الالحاد والاتحاد الذين هم أضل العباد.

<<  <  ج: ص:  >  >>