للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصف الروح في النصوص]

...

فحقائق تلك أعظم من حقائق هذه بما لا نعرف قدره وكلاهما مخلوق.

والنعيم الذي يعرف جنسه قد أجمله الله سبحانه وتعالى، بقوله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى: أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم والمعنى العام مع أن بينهما في الحقيقة تباينا لا يعرف في الدنيا قدره فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال مباين لصفات خلقه أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق.

قوله:

وهكذا القول في المثل الثاني وهو أن الروح التي فينا- فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية، وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء، وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة.

ش: يعني كما قيل في "المثل الأول" يقال أيضا: في "المثل الثاني" فإن روح ابن آدم تسمع، وتبصر، وتتكلم، وتنزل، تصعد، كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة، والمعقولات الصريحة، ومع ذلك فليست صفاتها وأفعالها كصفات البدن وأفعاله، فإذا لم يجز أن يقال: أن صفات الروح وأفعالها مثل صفات الجسم الذي هو الجسد، وهي مقرونة به، وهما جميعا الإنسان فكيف يجوز أن يجعل الرب تبارك وتعالى وصفاته وأفعاله مثل المخلوق وصفاته وأفعاله؟ كما سيبين المؤلف ذلك في آخر البحث. ومثال ما ورد من النصوص: في أخبار الروح قول الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً أن فِي ذَلِكَ لَآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>