والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثيل له، بل له المثل الأعلى، فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل
الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به، وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم، فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق، وإن حصلت موافقة في الاسم.
ش: يعني أن العلم الإلهي لا يجوز أن يستدل فيه بقياس تمثيل يستوي فيه الأصل والفرع، ولا بقياس شمول تستوي أفراده، فإن الله سبحانه وتعالى، ليس كمثله شيء فلا يجوز أن يمثل بغيره ولا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قضية كلية تستوي أفرادها، ولهذا لما سلك طوائف من المتفلسفة والمتكلمة مثل هذه الأقيسة في المطالب الإلهية لم يصلوا بها إلى يقين، بل تناقضت أدلتهم وغلب عليهم بعد التناهي الحيرة والاضطراب، لما يرونه من فساد أدلتهم وتكافئها ولقد أحسن القائل:
حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا وكل كاسر مكسور
ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى سواء كان تمثيلا أو شمولا كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} مثل أن نعلم أن كل كمال ثبت للممكن المحدث لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالواجب القديم أولى به وكل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ثبت نوعه للمخلوق المربوب المدبر، فإنما استفادة من خالقه وربه ومدبره، فهو أحق به منه، وأن كل نقص وعيب في نفسه وهو ما تضمن سلب أوصاف الكمال إذا وجب نفيه عن شيء من أنواع المخلوقات والمحدثات والممكنات، فإنه يجب نفيه عن الرب تبارك