[اشارة الشارح إلى أن الرسالة التدمرية لم تشرح قبله]
...
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإخواننا في النسب والدين صحبة المنعم عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فإن هؤلاء قد هدوا صراطا مستقيما وحسن أولئك رفيقا، وهم الموعودون في مثل قوله سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} ، وقوله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ، وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} ، وبالله ثقتنا وعليه اعتمادنا ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وبعد: فإلى هنا ينتهي شرحي للتدمرية وهو جهد المقل، فأنا لا أدعي أنه هو كل ما تستحقه هذه الرسالة العظيمة، غير أنني أومن بأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ولكن قال الأوائل:"المؤلف مثل المكلف لا يخلو من المؤاخذة ولا يرفع عنه القلم"، وقالوا:"من ألف فقد استهدف، وأصم أذنا وإن كان لغيرها قد شنف"، لئن قالوا هذه المقالة وأمثالها فإنهم أيضا بلسان المقال أو بلسان الحال يقولون:"من تخوف ما ألف، ومن طلب الكمال فإنما طلب المحال"، على أنني أرجو أن يكون شرحي هذا فاتحة خير لشروح أخرى يتعرض أصحابها لجونب قد أكون قصرت فيها، ويكفيني ممن يأتي بعدي أن يعترف ويدعو بمثل ما اعترف ودعا به ابن مالك لسلفه ابن معطي حيث يقول: