للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأعتماد على مجرد نفي التشبيه لا يكفي في إثبات الصفات]

...

فصل: قوله:

وأما في طرق الإثبات، فمعلوم أيضا أن المثبت لا يكفي في إثباته مجرد نفي التشبيه، إذ لو كفى في إثباته مجرد نفي التشبيه لجاز أن يوصف سبحانه من الأعضاء والأفعال بما لا يكاد يحصى مما هو ممتنع عليه مع نفي التشبيه. وأن يوصف بالنقائص التي لا تجوز عليه مع نفي التشبيه، كما لو وصفه مفتر عليه بالبكاء والحزن والجوع والعطش مع نفي التشبيه وكما لو قال المفتري: يأكل لا كأكل العباد، ويشرب لا كشربهم، ويبكي ويحزن لا كبكائهم ولا حزنهم، كما يقال: يضحك لا كضحكهم. ويفرح لا كفرحهم، ويتكلم لا ككلامهم. ولجاز أن يقال: له أعضاء كثيرة لا كأعضائهم كما قيل له وجه كوجوههم. ويدان لا كأيديهم حتى يذكر المعدة والأمعاء والذكر وغير ذلك مما يتعالى الله عز وجل عنه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. فإنه يقال: لمن نفى ذلك مع إثبات الصفات الخبرية وغيرها من الصفات، ما الفرق بين هذا وما أثبته إذا نفيت التشبيه وجعلت مجرد نفي التشبيه كافيا في الإثبات؟ فلابد من إثبات فرق في نفس الأمر.

ش: يعنى أن الاعتماد في إثبات الصفات لله لا يكفي فيه مجرد نفي التشبيه: فلا يقال نصف الله بكل وصف حتى ولو كان غير وارد، مادمنا ننفي مشابهته لخلقه، فهذا الطريق لا يكفي لما يترتب عليه من اللوازم الباطلة، إذ لو كان الأمر كذلك لجاز أن يوصف الرب بما يمتنع عليه من أوصاف النقص كأن يقال له بكاء وحزن وجوع وعطش وأكل وشرب لا يماثل ما يختص بالمخلوقين، كما يوصف بالعلم والقدرة والسمع والبصر والمحبة والرضا والوجه واليدين إلى غير ذلك من الصفات الواردة في الكتاب والسنة، أو لجاز أن يقال: له أعضاء كما أن للمخلوق أعضاء دون

<<  <  ج: ص:  >  >>