للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اتفاق الناس على ان الفعل يلائم الفاعل او ينافره يعلم بالعقل]

...

قوله:

وفي هذا المقام تكلم الناس في أن الأفعال، هل يعرف حسنها وقبيحها بالعقل، أم ليس فيها حسن ولا قبيح يعرف بالعقل؟ كما بسط في غير هذا الموضع وبينما وقع في هذا الموضع من الاشتباه فإنهم اتفقوا على أن كون الفعل يلائم الفاعل أو ينافره يعلم بالعقل، وهو أن يكون الفعل سببا لما يحبه الفاعل ويلتذ به، أو سببا لما يبغضه ويؤذيه، وهذا القدر يعلم بالعقل تارة، وبالشرع أخرى وبهما جميعا لكن معرفة ذلك على وجه التفصيل، ومعرفة الغاية التي تكون عاقبة الأفعال من السعادة والشقاوة في الدار الآخرة لا تعرف إلا بالشرع فيما أخبرت به الرسل من تفاصيل اليوم الآخر وأمرت به من تفاصيل الشرائع لا يعلمه الناس بعقولهم كما أن ما أخبرت به الرسل من تفاصيل أسماء الله وصفاته لا يعلمه الناس بعقولهم وإن كانوا قد يعلمون بعقولهم جمل ذلك، وهذا التفصيل الذي يحصل به الإيمان وجاء به الكتاب هو ما عليه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} ، وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} ، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْي} ، ولكن طائفة توهمت أن للحسن والقبح معنى غير هذا وأنه يعلم بالعقل وقابلتهم طائفة أخرى ظنت أن ما جاء به الشرع من الحسن والقبح يخرج عن هذا فكلا الطائفتين اللتين أثبتتا الحسن والقبح العقليين أو الشرعيين وأخرجتاه عن هذا القسم غلطت.

ش: يعني وفى باب قدر الله وأمره ونهيه تنازع الناس من أهل السنة والجماعة، من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، فالحنفية وبعض المالكية والشافعية والحنبلية يقولون بتحسين العقل وتقبيحه، فالأفعال فيها الحسن والقبيح ويعرف ذلك بالعقل عند هؤلاء، أما كثير من الشافعية والمالكية والحنبلية فينفون ذلك، فالأفعال ليس فيها حسن ولا قبيح ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>