للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشبيه بالجماد، لا بالحيوان فكيف من قال ذلك على غيره مما يزعم أنه تشبيه بالحي".

والمقصود أنه إذا كان من نفى قبول صفة النقص مشبهاً لله بالجماد فكيف من نفي عن الله قبول صفة الكمال زاعماً أن إثباتها يلزم منه تشبيه الله بالحي المخلوق، فالإشارة في قوله ذلك: راجعة إلى نفي القبول. والضمير في قوله: علي غير راجع إلى نفي قبول صفة النقص. والرابع بقوله "وأيضاً فنفس نفي هذه الصفات نقص كما أن إثباتها كمال" الخ.

يعني أن مجرد نفي هذه الصفات نقص، كما أن مجرد إثباتها كمال. وما كان صفة كمال فالله أولى به. فلو لم يتصف به مع أن المخلوق متصف به، لكان الخالق أنقص من المخلوق. ومن المعلوم أن لله المثل الأعلى، فما كان وصف كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالله أولى به. فإذا قدر اثنان أحدهما موصوف بصفات الكمال كالعلم والقدرة، والفعل والبطش، والآخر يمتنع أن يتصف بهذه الصفات لكان الأول أكمل من الثاني، وسائر الصفات بها: فالحي اليقضان أكمل من النائم الوسنان، والله "لا تأخذه سنة ولا نوم" وكذلك من يحفظ بلا اكتراث، أكمل ممن يلزم فيه ذلك، والله تعالى "وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حفظهما" وكذلك من يفعل ولا يتعب، أكمل ممن يتعب، والله تعالى "خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام" وما مسه من لغوب والعقل من حيث هو مصدر عقل يعقل عقلا: وهو في لغة الرسول وأصحابه عرض من الأعراض، كما في قوله سبحانه: "لعلهم يعقلون" "ولعلكم تعقلون" "ولهم قلوب لا يعقلون بها" ونحو ذلك، وقد يراد به الغريزة التي في الإنسان. قال أحمد بن حنبل، والحارث المحاسبي، وغيرهما "أن العقل غريزة" فالعقل ما به تحصل معرفة الأمور وإدراكها، ولا ريب أن الله سبحانه متصف من ذلك بما يعجز العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>