في ذلك والتنقيب عنها، واستفصال المتكلم بها كما كان السلف والأئمة يفعلون، فإن البدعة لا تكون حقاً محضاً موافقا للسنة، إذ لو كانت كذلك لم تكن باطلا، ولا تكون باطلا محضاً لا حق فيه، إذ لو كانت كذلك لم تخف على الناس، ولكن تشتمل على حق وباطل، فيكون صاحبها قد لبس الحق بالباطل: أما مخطئاً غالطاً وأما متعمدا لنفاق فيه والحاد. كما قال تعالى {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأوضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} فأخبر أن النافقين لو خرجوا في جيش المسلمين مازادوهم إلا خبالا، ولكانوا يسعون بينهم مسرعين يطلبون لهم الفتنة. ومن المؤمنين من يقبل منهم ويستجيب لهم، إما لظن مخطيء أو لنوع من الهوى أو لمجموعهما، فإن المؤمن إنما يدخل عليه الشيطان بنوع من الظن وإتباع هواه، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات" وبعد الاستفصال: إن كان مراده حقا قبل منه، وإن كان مراده باطلا رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يرد كله، ولم يقبل كله، بل يقبل ما فيه من حق، ويرد ما فيه من باطل: مثال ذلك أن يقول لمبتدع إني أريد بقولي_ ليس بجسم_ نفي قيامه بنفسه وقيام الصفات به ونفي كونه مركباً من المادة والصورة أو يقول أريد بقولي هو جسم أنه مركب من الجواهر المفرده. وكونه تصح الإشارة إليه وتمكن رؤيته بالأبصار ويتصف بالصفات فقد اشتمل هذا الكلام على حق وباطل في حالة النفي وفي حال الاثبات