أن هذه الصفات إنما هي لله تعالى كما يليق بجلاله نسبتها إلى ذاته المقدسة كنسبة صفات كل شيء إلى ذاته. فيعلم أن العلم صفة ذاتية للموصوف وكذلك الوجه واليدين وسائر الصفات.
فهذا هو الذي يظهر من إطلاق هذه الصفات، وهو الذي يجب أن تحمل عليه فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه فهمه. فيعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، وأن المؤمنين ينظرون إلى وجه خالقهم في الجنة ويتلذذون بذلك لذة ينغمر في جانبها ونحو ذلك.
كما يعلم أن له ربا وخالقاً ومعبوداً ولا يعلم كنه شيء من ذلك، بل غاية علم الخلق هكذا، يعلمون الشيء من بعض الجهات ولا يحيطون بكنهه فمن قال أن الظاهر غير مراد بمعنى أن الصفات المخلوقين غير مرادة. قلنا له: أصبحت في المعنى لكن أخطأت في اللفظ وأوهمت البدعة وجعلت للجهمية طريقاً إلى غرضهم وكان يمكنك أن تقول: تمر كما جاءت على ظاهرها مع العلم بأن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين، وأنه منزه مقدس عن كل ما يلزم حدوثه أو نقصه ومن قال: الظاهر غير مراد بالتفسير الثاني وهو مراد الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة وغيرهم فقد أخطأ: والكلام مع هؤلاء الذين ينفون ظاهرها بهذا التفسير، فإذا وصف الله نفسه بصفة أو وصفه بها رسوله فصرفها عن ظاهرها اللائق بجلاله سبحانه وحقيقتها المفهومة إلى باطن يخالف الظاهر كفر وضلال.
وكلا الله ورسوله منزه عن ذلك والله أعظم من أن يكون ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله يقتضي المشابهة للمخلوقين.