ظاهرها معنى فاسد وليست في حاجة إلى تأويل أما أحد هذه الأحاديث فهو قوله صلى الله عليه وسلم "الحجر الأسود"الخ.
فمن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه إلا على من لم يتدبره، فإنه قال "يمين الله في الأرض" وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم اللفظ المطلق، ثم قال "فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله كما هو معلوم عند كل عاقل، ولكن يبين أن الله تعالى كما جعل للناس بيتا يطوفون به جعل لهم ما يستلمونه ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء فإن ذالك تقرب إلى المقبل وإجلال له كما جرت به العادة، فظنهم أن هذا وأمثاله يحتاج إلى تأويل غلط منهم لو كان هذا اللفظ ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا اللفظ صريح في أن الحجر الأسود ليس هو من صفات الله إذ قال:"هو يمين الله في الأرض" فالقيد بالأرض يدل على أنه ليس هو يده على الإطلاق فلا يكون اليد الحقيقية.
وقوله:"فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" صريح في أن مصافحه ومقبله ليس مصافحاً لله ولا مقبلا يمينه لأنه المشبه ليس هو المشبه به. وقد أتى بقوله "فكأنما" وهي صريحة في التشبيه وإذا كان اللفظ صريحا في أنه جعل بمنزلة اليمين كان من اعتقد أن ظاهره حقيقة اليمين قائلا للكذب المبين: وقول المؤلف "لأنه محتاج إلى تأويل" غير واضح فلعل الأصل فكيف يجعل ظاهره كفراً محتاجاً إلى تأويل فالعلة هي كون ظاهره كفراً، والمعلول هو حاجته إلى تأويل: أما على ظاهر هذه العبارة فتكون المسألة بالعكس. فلو كان هذا هو المراد لقال المؤلف فكيف يجعل محتاجاً إلى تأويل لأن ظاهره كفر وباطل والله أعلم.