ويجوز أن يثبت كما يجوز عليه أن ينفى مع قطع النظر عن قائله. وذكر المؤلف أن التوحيد الطلبي الإرادي منقسم إلى مطلوب مراد، وإلى ممنوع مبغض، وقوله في الأول نفيا، وإثباتا معناه أن منه ما يثبت كإثبات أن الله الخالق الرازق، الموصوف بصفات الكمال، ومنه ما ينفى كنفي الشريك له والمثل والكفؤ، وقوله كما ذكره الفقهاء في كتاب الإيمان يعني عند ذكرهم أن اليمين لابد أن تكون على مستقبل ممكن فلا تنعقد على ماض كاذباً عالماً به "وهي الغموس " أو ظاناً صدق نفسه فيتبين بخلافه ومعناه الثاني أن منه ما هو مثبت كالأوامر فهي مراد مطلوب فعلها، ومنفي، كالنواهي. ففعلها
مكروه مبغض ممنوع وذكر أن الفرق بين الإثبات والنفي، والتصديق والتكذيب، وبين المحبوب المراد، وبين المكروه المبغض، معروف لدى كل أحد. مستقر في الفطر وقد نص على ذلك الفقهاء والأصوليون
والباحثون في قواعد اللغة العربية والبلاغة، فإن صحة هذا التقسيم اللفظي تابع لصحة انقسام المدلول المعنوي، فإن هذه حقائق ثابتة في نفسها معقولة متميزة يميز العقل بينها ويحكم بصحة أقسامها.
فالمقصود أن معاني الكلام: أما طلب، والطلب أمر ونهي "وهو الإنشاء" وأما خبر وهو ما يصح إثباته كما يصح نفيه لذاته " فمن الطلبي الإرادي توحيد، الشرع "والقدر" فمنه ما هو مطلوب مراد محبوب" كالتوحيد وسائر الطاعات "ومنه ما هو مبغض ممنوع "كالشرع والمعاصي" ومن الخبري "توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فمنه ما يثبت كأوصاف الكمال ونعوت الجلال، ومنه ما ينفي، كنفي النقص والعيوب والشريك والمثيل.