بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء. ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك" رواه أحمد ورواه مسلم في صحيحه. ولفظة بين لا تقتضي المخالطة ولا الملاصقة لغة ولا عرفاً. قال تعالى:{وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وهو لا يلاصق السماء والأرض.
وقوله:"ونظائر هذا كثيرة" يعني كقوله {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}{يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ} وقوله صلى الله عليه وسلم "بيده الميزان الحديث".
واعلم أن جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة الشرعية والعقلية إنما تدل على الحق لا تدل على قول المبطل وهذا ظاهر يعرفه كل واحد من أهل البصيرة. فإن الدليل الصحيح لا يدل إلا على حق لا على باطل، ولكن قد يؤتي الإنسان من سوء فهمه فيفهم من كلام الله ورسوله معان يجب تنزيه الله سبحانه عنها فحال المبطل مع كلام الله ورسوله كما قيل:
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم
وكما قال الآخر:
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مراً به الماء الزلالا
ويجب على أهل العلم أن يبينوا نفي ما يظنه الجهال من النقص في صفات الله تعالى وأن يبينوا صون كلام الله ورسوله عن الدلالة على شيء من ذلك فإن القرآن بيان وهدى وشفاء وأن ضل به من ضل فإنه من جهة تفريطه كما قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاخَسَاراً} وقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَأنهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} .
وقد علم بالكتاب والسنة والإجماع ما يعلم بالعقل أيضاً أن الله