كقدرتنا، وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة، عالم حقيقة، قادر حقيقة، لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أنه على ظاهره لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق، ولا حباً كحبه، ولا رضا كرضاه.
فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مراداً. وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به لم يكن له نفي هذا الظاهر، ونفي أن يكون مراداً إلا بدليل يدل على النفي، وليس في العقل ولا السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات فيكون الكلام في الجميع واحداً.
ش: الكلام فيما سبق في أول هذه القاعدة مع المشبهة ونفاة الصفات كلها أما هنا فالخطاب مع الأشعري حين يقول "ظاهر النصوص مراد" أو يقول: "ظاهر النصوص ليس بمراد" ولذا قال المؤلف: "وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها".
والمتفق على مدلولها بين الأشاعرة وأهل السنة هي الصفات السبع. والمتنازع في إثبات مدلولها هي ماعدا الصفات السبع، إذا كان القائل يجري الجميع مجرى واحداً قيل له ماذا تقصد بالظاهر؟ أتقصد به ما يماثل صفات المخلوقين؟ أن تقصد به ما يليق بالله؟ وعلى كل فمن المعلوم أن الله سبحانه لما وصف نفسه بالحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر واتفق أهل السنة والأشاعرة ومن تبعهم على إثبات ذلك، وأن ظاهر ذلك مراد: كان من المعلوم أنهم لا يقصدون أن ظاهرها هو ما يماثل صفات المخلوقين: فكذلك لما قال أهل السنة أنه موصوف بالاستواء