وهذا الكلام على ظاهره فنحن متصفون بها على ما يليق بنا. فمن المعلوم أيضاً أن الرب سبحانه لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير مريد متكلم سميع بصير فهذا الكلام على ظاهره. والله متصف بهذه الصفات حقيقة وهي على ما يليق به.
وقوله:"لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا" معناه أن كلا من الخالق والمخلوق متصف بالحياة ضد الموت، وبالقدرة ضد العجز، وبالكلام ضد الخرس، وهكذا سائر الصفات.
وكما نفهم من الصفات المنسوبة إلينا أننا متصفون بها وهي على ما يليق بنا. كذلك نفهم من الصفات المضافة إلى الخالق أنه متصف بها حقيقة وهي على ما يليق به.
وقوله:"فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا" معناه كما أن أهل السنة والأشاعرة متفقون على إثبات مدلول نصوص الصفات السبع وأن ذلك على ظاهره اللائق بالله، وأن الله أراد بكلامه هذا المعنى اللائق به. فكذلك لما قال أهل السنة: أن قوله سبحانه: {مَا مَنَعَكَ أن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} على ظاهره لم يكن مقصودهم بهذا الظاهر ما يماثل صفات المخلوقين، بل مرادهم أن ذلك على ظاهره اللائق بالله.
فكما نفهم من قوله:{غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} وقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} أن المخلوق متصف باليدين حقيقة فهكذا "خلقت بيدي""وعملت أيدينا" فالمفهوم في كل من الخالق والمخلوق_ الاتصاف باليدين حقيقة_ ثم قال المؤلف "بل صفة الموصوف تناسبه" يعني وأن كان المفهوم في حق الله مثل المفهوم في حقنا من حيث أن كلا متصف بالصفة حقيقة، لكن كل موصوف تناسبه صفته فصفات الله تناسب ذاته وصفات المخلوقين تناسب ذواتهم.