"الرابع" أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات، من صفات الأموات والجمادات، أو صفات المعدومات، فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات، وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات فيجمع في كلام الله بين التعطيل والتمثيل، فيكون ملحداً في أسماء الله وآياته.
ش: الإشارة في قوله "وهذا يتبين" راجعة إلى قوله "بل صفة الموصوف تناسبه ولكن ليس المنسوب كالمنسوب ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه".
فمضمون ما ذكر في القاعدة الثالثة يتبين ويتضح بما ذكر في القاعدة الرابعة وهي أن بعض الناس لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل، مثلوا أولا وعطلوا آخراً.
وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما استحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة به. وقد جمعوا بين هذه المحاذير الأربعة، التمثيل والتعطيل.
وكون ذلك صادراً بغير علم ولا دليل، وكونه يلزم من سلبهم هذه الصفات عن الله وصفهم له بنقائضها، وجنوا على النصوص وظنوا ظناً سيئاً، حيث ظنوا أن ظاهر كلام الله ورسوله يقتضي مماثلة الله لخلقه، وحرفوا النصوص عن مواضعها وعطلوها عما دلت عليه من حقائق أسماء الله وصفاته اللائقة به.
وهذا منطبق على الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، ومن دخل في هذه الطوائف وسار في فلكها.