للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته. وكل واحد من أصحاب ابن مسعود وابن عباس نقل عنه من التفسير مالا يحصيه إلا الله والنقول بذلك عن الصحابة والتابعين ثابتة معروفة عند أهل العلم بها.

واستدل على الثاني بآية آل عمران {وَمَا يَعْلَمُ تأويلهُ إِلَّا اللَّهُ} بالوقف على لفظ الجلالة. ويقول ابن عباس: "وتأويل لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب" كما سيَأتِي والهمزة في قوله {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ} للإنكار والفاء للعطف على مقدر أي يعرضون عن القرآن فلا يتدبرونه، والتدبر التأمل والتفكر، يقال تدبرت الشيء تفكرت في عاقبته وتأملته، ثم استعمل في كل تأمل، فدلت الآيات على وجوب التدبر للقران ليعرف معناه. وقوله في آية آل عمران: {هُنَّ أُمُّ الْكِتاب} أي أصله الذي يعتمد عليه ويرد ما خالفه إليه وهذه الجملة صفة لما قبلها "والمحكمات" اسم مفعول من أحكم "والإحكام" الإتقان ولا شك في أن ما كان واضح المعنى لا إشكال فيه إنما يكون كذلك لوضوح مفردات كلماته وإتقان تركيبها.

وقوله سبحانه: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} وصف لمحذوف مقدر أي وآيات متشابهات "والزيغ" الميل ومنه زاغت الشمس وزاغت الأبصار يقال زاغ يزيغ زيغاً إذا ترك القصد، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ومعنى قوله: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي طلباً منهم لفتنة الناس في دينهم والتلبيس عليهم وإفساد ذات بينهم: {وَابْتِغَاءَ تأويلهِ} أي طلباً لتأويله على الوجه الذي يريدونه ويوافق مذاهبهم الفاسدة.

وأصل الرسوخ في لغة العرب الثبوت في الشيء وكل ثابت راسخ وأصله في الإجرام أن ترسخ أقدام الخيل أو الشجر في الأرض وهؤلاء ثبتوا في امتثال ما جاءهم عن الله من ترك إتباع المتشابه وإرجاع علمه إلى الله سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>