أنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ} إلى قوله تعالى:{أولُو الْأَلْبَابِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم".
ومن جملة ما استدل به القائلون بالعطف أن الله سبحانه مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم وهم لا يعلمون ذلك. والتفسير الذي تعرفه العرب من كلامها هو تفسير مفردات اللغة كمعرفة معنى القرؤ والنمارق والكهف ونحوها. وأما الذي لا يعذر أحد بجهالته فهي الأمور المكلف بها اعتقاداً وعملاً كمعرفة الله بأسمائه وصفاته واليوم الآخر، والطهارة والصلاة والزكاة وغيرهما، وأما الذي يعلمه العلماء فهو الذي يخفى على غيرهم مما يمكن الوصول إلى معرفته، كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمحكم والمتشابه، ونحو ذلك. وأما الذي لا يعلمه إلا الله فهو حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر. فإنه هذه الأشياء نفهم معناها، لكننا لا ندرك حقيقة ما هي عليه في الواقع، مثال ذلك. أننا نفهم معنى استواء الله على عرشه ولكننا لا ندرك الكيفية التي هي حقيقة ما هو عليه في نفس الأمر. وكذلك نفهم معنى الفاكهة والعسل واللبن والماء وغيرهما مما أخبر الله أنه في الجنة، لكن لا ندرك حقيقته في الواقع، كما قال تعالى:{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .
وإذا جاز أن يكون في هذه المخلوقات ما يعرف معناه دون إدراك حقيقته ففي صفات الله أولى، والشاهد من كلام ابن عباس قوله رضي الله عنه "وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب" وقد سبقت الإشارة إلى ذلك، ووجه الدلالة من قول مجاهد رضي الله عنه "عرضت القرآن على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها، أن الراسخون في العلم في يعلمون معاني القرآن" وأبي، هو