والكلام خبر وأمر، ولهذا يقول أبو عبيدة وغيره "الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة" كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء، لأن الفقهاء يعلمون تفسير ما أمر به ونهى عنه، لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يعلم إتباع بقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهما ما لا يعلم بمجرد اللغة، ولكن تأويل الأمر والنهي لا بد من معرفته، بخلاف تأويل الخبر.
ش: هذا رجوع من الشيخ إلى شرح النوع الثاني والثالث، من أنواع التأويل لمزيد الإيضاح، وكان السياق يقتضي أن يكون الكلام. فالثاني هو تفسير الكلام بالفاء، ولكن لعلها سقطت سهواً من الناسخ. وبعد أن ذكر أن النوع الثاني من أنواع التأويل، هو التفسير بين معنى بقوله:"وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ" فالتفسير إذاً هو إيضاح معنى الكلام وبيان المراد منه، أو الكشف عما اشتمل عليه من حكمة، أو ذكر ما دل عليه من دليل، أو بيان ما استنبط من حكم.
قال الزركشي "التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والصرف وعلم البيان وأصول الفقه، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ" ومن شواهد مجيء التأويل مراداً به التفسير قوله سبحانه في قصة يوسف: {نَبِّئْنَا بِتأويلهِ أنا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أنا أنبِّئُكُمْ بِتأويلهِ فَأَرْسِلُونِ} .
والنوع الثالث من أنواع التأويل هو حقيقة الشيء وكنه ما هو عليه، وهذا معنى قول المؤلف: هو عين ما هو موجود في الخارج. وقد استشهد على هذا النوع بما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن" يعني يوجد حقيقة ما أمر به بقوله في