والاستواء، ونحن نفهم هذه الصفات ونعرف معانيها ونميز بين بعضها والبعض الآخر. ونعلم أن كلها متفقة من جهة دلالتها على ذات الله سبحانه. فهو الموصوف والمسمى بها، وكل اسم يدل على معنى لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن الجميع حق. قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فإذا قيل: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام، فهي كلها أسماء لمسمى واحد سبحانه وتعالى وأن كان كل اسم يدل على نعت لله تعالى لا يدل عليه الاسم الآخر.
ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلي، يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به نفهم ونثبت هذه المعاني لله، لم نكن قد عرفنا من الله شيئاً. ولا صار في قلوبنا أيمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله وتعظيمه.
قال الشيخ ومن فهم هذه الحقائق الشريفة والقواعد الجليلة النافعة، حصل له من العلم والمعرفة والتحقيق والتوحيد والإيمان، وانجاب عنه من الشبه والضلال والحيرة ما يصير به في هذا الباب من الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فأسماء الله وصفاته مترادفة من جهة دلالتها على الذات الواحدة، ومتباينة من جهة تغاير معانيها، وقد استشهد المؤلف على كون الأسماء تكون مترادفة باعتبار ومتباينة باعتبار آخر، بثلاثة أمثلة:
أحدها: أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم، وثانيها: أسماء القرآن الكريم. وثالثها: أسماء السيف. فمحمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب كلها أسماء تدل على شيء واحد هو ذات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ