ش: هذه طائفة أخرى من بني آدم، وقعت في مأزق الضلال بسبب الاشتباه حيث ظنوا أن الخالق إذا وصف بالوجود والمخلوق يوصف بالوجود لزم التشبيه، ولزم أن يكون الخالق مركبا من الصفة والذات، وهذا تشبيه للخالق بالمخلوق. هذا هو زعم هذه الطائفة من الجهمية والمعتزلة وهو قول واضح الفساد، وبين البطلان، فإن الموجود لا يكون مركبا من ذاته وصفته.
اتفاق الموجودين في مسمى الوجود لا يعني أن يكون وجود أحدهما مثل وجود الأخر كما لا يلزم ذلك في سائر الصفات، وقد سبق بيان هذا في غير هذا الموضع ومن أجل أن هؤلاء لا يمكن أن يجحدوا وجود الله قالوا: أن اشتراك الخالق والمخلوق في الوجود إنما هو من باب الاشتراك اللفظي فخالفوا بهذا القول سائر العقلاء على اختلاف أصنافهم وتباين فنونهم حيث اتفقوا على أن الوجود منقسم إلى واجب وممكن وقديم ومحدث، كما تنقسم سائر الأسماء العامة الكلية لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة، كلفظ سهيل المقول على الكوكب، وعلى سهيل بن عمرو. فإن تلك لا يقال فيها: أن هذا ينقسم إلى كذا وكذا، ولكن يقال: أن هذا اللفظ يطلق على هذا المعنى وعلى هذا المعنى مع العلم بأن المعاني الكلية قد تكون متفاضلة في مواردها، بل أكثرها كذلك. وهذا هو المسمى بالمتواطئ المشكك، وقد تكون متساوية في مواردها وهذا هو المتواطئ العام. فالوجود ونحوه من الأسماء أسماء عامة كلية سواء متواطئة أو مشككة ليست ألفاظا مشتركة اشتراكا لفظيا فقط.
وطائفة من الفلاسفة ضلت أيضا بسبب الاشتباه حيث ظنوا أن الموجودات إذا كانت تشترك في مسمى الوجود لزم أن يكون هناك شيء موجود متشخص تشترك فيه، وهذا غلط واضح فإنه إذا قيل يشتركان في الوجود المطلق الكلي، فذاك المطلق الكلي لا يكون مطلقا كليا إلا في