للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ما ذكره من صيغة الجمع مبينا لما يستحقه من العظمة والأسماء والصفات وطاعة المخلوقات من الملائكة وغيرهم.

وأما حقيقة ما دل عليه ذلك هن حقائق الأسماء والصفات، وما له من الجنود الذين يستعملهم في أفعاله، فلا يعلمهم إلا هو {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} . وهذا تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، بخلاف الملك من البشر إذا قال: قد أمرنا لك بعطاء، فقد علم أنه هو وأعوانه، مثل كاتبه وحاجبه وخادمه ونحو ذلك أمروا به، وقد يعلم ما صدر عنه ذلك الفعل من اعتقاداته وإراداته ونحو ذلك.

والله سبحانه وتعالى لا بعلم عباده الحقائق التي أخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الأخر، ولا يعلمون حقائق ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة.

ش: يقول المؤلف أن من أنار الله بصيرتهم وهداهم لتمييز الحق من الباطل، لا يضلون بسبب ما بين الأمور من اشتباه من بعض الوجوه، وهؤلاء هم العلماء الذين يعرفون ما يدل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعرفون القدر المشترك بين الشيئين وما يمتاز به كل واحد عن الآخر، فيردون المشكل وغير الواضح إلى قطعي الدلالة وواضح المعنى، فيزول الاشتباه، ويتضح ما بين الشيئين من جهة الجمع وجهة الافتراق بواسطة ردهم المتشابه إلى المحكم.

وكمثال على التشابه الخاص الذي يوضحه المحكم ويزيل ما به من الاشتباه مثل المؤلف بلفظ "إنا" و"نحن" كقوله تعالى: {إنا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً

<<  <  ج: ص:  >  >>