للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: يعني ومن أجل أن من نفى اشتراك الموجودات في المعنى العام يلزمه التعطيل المحض لكل موجود من أجل ذلك كان أهل السنة والجماعة يسمون نفاة صفات الله معطلة: لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله عن الوجود: وكان رأسهم الجهم ينكر أن يسمي الله شيئا زعما منه أن إثبات كون الله شيئا يلزم منه مشابهته لسائر الأشياء، وبعدا وسحقا لتنزيه مدلوله، تعطيل الذات العلية عن الوجود، وأتباع الجهم قد يتحاشون في بعض الأحيان عن قول الجهم بإنكار كون الله شيئا فيقولون هو شيء لا كالأشياء وهذه الكلمة حق فالله سبحانه شيء لا يماثله أحد من خلقه: ولكن يقال لهم هلا أثبتتم أسماء الله وصفاته الواردة في كتابه وعلى لسان رسوله وقلتم بنفي المماثلة كما قلتم أنه شيء لا كالأشياء، والحقائق التي يوصف بها الرب من حياة وعلم وقدرة ووجود وذات ونحو ذلك ككونه شيئا ثابتا هذه الحقائق تجب لوازمها ولوازمها هي صفات الحي الموجود الرب الكامل: فالذات والحقيقة والوجود ملزومات والصفات لازمها: وثبوت الملزوم يوجب ثبوت اللازم ولازم صفات الله الكمال كما أن لازم أوصاف المخلوق النقص: ومن أدرك هذه الحقائق وميّز ما تشترك فيه وما تختلف فيه زالت عنه الشبهة التي التبس عليه الأمر بسببها وانكشف له غلط كثير من الأذكياء الذين غلطوا في باب أسماء الله وصفاته لالتباس هذه الحقائق عليهم والأمور الموجودة في الخارج لا اشتراك فيها. وإنما الاشتراك في المعنى العام الذي يطلق على هذه الحقيقة وهذه الحقيقة. وليس في الخارج ذات موجودة تشترك فيها الموجودات. أما الموجودات التي في الخارج فبعضها متميز عن بعض في الذات والصفات والأفعال. وقد بسط المؤلف هذا البحث في عدد من كتبه. ومنها رسالته التي رد فيها على أهل القول بوحدة الوجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>