زائدة عليها، وإن أريد بالذات الموجودة في الخارج فتلك لا تكون موجودة إلا بصفاتها اللازمة والصفات ليست زائدة على الذات المتصفة بالصفات وإن كانت زائدة على الذات التي يقدر تجردها عن الصفات. وقد ظن طائفة أن من قال: الوجود متواطيء عام فإنه يقول وجود الخالق زائد على حقيقته وطائفة ظنت أن لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي وهذه مكابرة للعقل فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم كما يقال الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحادث. ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام. فإن تفاضل المعنى المشترك الكلي لا يمنع أن يكون أصل المعنى مشتركا بين اثنين كما أن معنى السواد مشترك بين هذا السواد وهذا السواد وبعضه أشد من بعض. والذي عليه أهل السنة والجماعة وعامة عقلاء بني آدم من جميع الأصناف أن المعدوم ليس في نفسه شيئا وأن ثبوته ووجوده وحصوله شيء وأحد وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع القديم. قال الله تعالى لزكريا:{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} وقال تعالى: {أَوَلا يَذْكُرُ الإنسانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} وقال تعالى: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} ولو كان المعدوم شيئا لكان التقدير لا يظلمون موجودا ولا معدوما: والمعدوم لا يتصور أن يظلموه ونظائر ذلك كثير فمتصورات العقل ومقدراته أوسع مما هو موجود حاصل بذاته كما يتصور المعدومات والممتنعات ويقدر ما لا وجود له البتة مما يمكن أولا يمكن كتصور جبل ياقوت وبحر زئبق وإنسان من ذهب وفرس من حجر فثبوت الشيء في العلم والتقدير ليس هو ثبوت عينه في الخارج بل العالم يعلم الشيء ويتكلم به ويكتبه وليس لذاته في الخارج ثبوت ولا وجود أصلا. قال الشيخ: وإنما نشأ الاشتباه على هؤلاء والله أعلم من حيث رأوا أن الله سبحانه يعلم ما لم يكن قبل كونه وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فرأوا أن المعدوم الذي يخلقه ويتميز في علمه وإرادته وقدرته شيء ثابت وظنوا ذلك التمييز ذات له ثابتة وليس الأمر كذلك وإنما هو متميز في علم الله. والواحد منا يعلم الموجود والمعدوم الممكن والمعدوم المستحيل