للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسبابه. وكذلك البكاء والحزن هو مستلزم الضعف والعجز الذي ينزه عنه سبحانه، وبخلاف الفرح والغضب، فإنه من صفات الكمال. فكما يوصف بالقدرة دون العجز، وبالعلم دون الجهل، وبالحياة دون الموت وبالسمع دون الصمم، وبالبصر دون العمى، وبالكلام دون البكم، فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن وبالضحك دون البكاء ونحو ذلك.

ش: يقول الشيخ: قد تقدم يعني في القاعدة الأولى، أن جميع ما وصف لله به نفسه من النفي فهو متضمن لنفي أوصاف النقص وإثبات أوصاف الكمال. فنفي السنة والنوم واللغوب وكونه لا يؤوده حفظ السماوات والأرض ولا يعزب عنه شيء وكونه يرى ولا يحاط به رؤية، كل ذلك نفي متضمن لإثبات الكمال، ونفي ما يضاد هذه الحال، وهكذا القول في سائر ما ورد، وحينئذ فالنفي المحض ليس بشيء، ولهذا يوصف به المعدوم والمعدوم لا يشبه الموجودات وليس ذلك مدحا له لأن مشابهة الناقص نقص بكل حال كما أن المماثلة لشيء من الموجودات فيه مشابهة ومماثلة للغير، وذلك نقص كما أن عدم المماثلة كمال. ولذلك يوصف الرب بأوصاف الكمال دون أضدادها كما يتنزه ويتقدس عن الشبيه والمثال. ثم سرد المؤلف أمثلة لأوصاف الكمال المستلزمة لنفي أضدادها، ونفي أوصاف النقص المستلزمة لإثبات أضدادها فقال: "وذلك أنه قد علم أنه حي والموت ضد ذلك فهو منزه عنه" إلى قوله: "والأكل والشرب فيه افتقار إلى موجود غيره" يعني ففي إثبات هذه الصفات نفي لأضدادها ولما يستلزم أضدادها. وقوله: "والآكل والشارب أجوف والمصمت الصمد أكمل من الآكل والشارب " إلى قوله: "فجعل ذلك دليلا على نفي الألوهية فدل ذلك على تنزيهه عن ذلك بطريق الأولى والأحرى" معناه: إذا عرف أن من اعتضد بغيره واستعان به في أن يحمله أو يقضي حوائجه فهو مفتقر إلى ذلك الغير، فمن يأكل ويشرب مفتقر إلى الأكل والشرب لتقوم به ذاته ويقوى به. والمصمت أكمل من الأجوف لعدم افتقاره إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>