للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سميعا بصيرا عليما حكيما موصوفا بكل كمال منزها عن كل نقص غنيا عما سواه، مفتقرا إليه كل ما عداه، فاعلا مختارا لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ولا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، ولا تخفى عليه خافية. والثاني: أنه لابد من الإيمان بأنه سبحانه شرع الشرائع وأمر العباد ونهاهم، ليطيعوا أمره ويجتنبوا نهيه فقد خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} فحيث كان متفردا بالخلق والبدء والإعادة ولا يشركه في ذلك أحد، فهو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة دون سواه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وهذه هي الحكمة من خلق الجن والإنس كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} وبذلك أنزل كتبه المقدسة وأرسل رسله عليهم الصلاة والسلام كما قال جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} والشاهد من آية الحج كونه سبحانه يعلم كل شيء في السماء والأرض وأن ذلك مكتوب عنده في كتاب. والشاهد من الحديث كونه تعالى قدر مقادير الخلق قبل خلقه لسمواته وأرضه، بهذه المدة المذكورة، وهذا الحديث رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء" ومثله رواه البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني تميم اقبلوا البشرى، قالوا: قد بشرتنا فأعطنا، فأقبل على أهل اليمن فقال: اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم فقالوا قد قبلنا يا رسول الله، قالوا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر فقال: "كان الله ولم يكن شيء قبله وفى لفظ معه وفي لفظ غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض " قال ثم جاءني رجل فقال: أدرك ناقتك فذهبت فإذا السراب ينقطع دونها فوالله لوددت أني تركتها ولم أقم"، وقوله: "اسمه كتب في الذكر" يعني اللوح

<<  <  ج: ص:  >  >>