إخوة لعلات وإن أولى الناس بابن مريم لأنا، إنه ليس بيني وبينه نبي".
ش: جماع العبادة هو كمال الحب مع كمال الذل. وهي كما قال الشيخ اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة. كالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر وأمثال ذلك. والباطنة كالصبر والرضاء بقضاء الله والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك. وذلك كله يتضمن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد جعل الله عز وجل طاعة رسوله طاعة له وعلق محبته سبحانه باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم كما في آيتي النساء وآل عمران، والشاهد من آية النساء والزخرف وآية الأنببياء والمؤمنون والشورى هو أن الغاية من إنزال الكتب السماوية جميعها وإرسال الرسل كلهم هي عبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه، وهذا الحديث متفق عليه، وهو مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، والشاهد منه أن القدر المشترك بين الأنبياء هو عبادة الله وحده لا شريك له وإن اختلفت شرعتهم ومناهجهم كما في قوله جل جلاله {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} وقوله سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ... الآية} . معناه كما قال أهل التفسير: شرع لكم ولمن قبلكم من الأنبياء دينا واحدا، يعني التوحيد، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وصاه بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله بالطاعة فذلك دينه الذي شرع لهم، وخص نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى بالذكر مع نبينا عليهم الصلاة والسلام لأنهم أرباب الشرائع. ثم أمرهم سبحانه بإقامة الدين ونهاهم عن الاختلاف فيه، أي لا يختلفوا في التوحيد والإيمان بالله وطاعة رسله وقبول شرائعه فإن هذه قد تطابقت عليها الشرائع وتوافقت فيها الأديان فلا ينبغي الخلاف في مثلها.