فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ، وقال تعالى عن إبراهيم:{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، وقال تعالى عن يوسف الصديق:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ، وقال عن بلقيس:{وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فالإسلام عند الجميع هو الاستسلام لله وهو الخضوع له والعبودية له، كما يقول أهل اللغة: أسلم الرجل إذا استسلم، وحينئذ فرأس جميع الأديان هو الشهادة بوحدانية الله دون من سواه كما في آية النحل والأنبياء والشعراء والممتحنة، وآيتي الزخرف، ولقد أخبر الله تعالى عن كل رسول بأنه أمر قومه بعبادة الله وحده كما حكى ذلك عن نوح وهود وصالح، وإخوانهم من الأنبياء، قال الله تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، وقال:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، وقال سبحانه:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، وقال عن شعيب:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ، وأخبر سبحانه عن أهل الكهف أنهم قالوا:{لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطا} ، والخلة أعلى مراتب المحبة، {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} أي جعل إبراهيم كلمة التوحيد باقية في ذريته بأن وصاهم بها كما في قوله سبحانه: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} والكهف جمعه كهوف وهو الغار المتسع في الجبل {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي قويناها على قول الحق، {ولَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} أي قولا ذا شطط أي إفراطا في الكفر أن دعونا إلها غير الله.