قال الشيخ: فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأما شفاعته صلى الله عليه وسلم في الآخرة فقد أخبر "أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده لا يبدأ بالشفاعة أولا، فإذا سجد وحمد ربه بمحامد يفتحها عليه، قيل له أي محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع فيقول أي رب؟ أمتي، فيحد له حدا فيدخلهم الجنة وكذلك في الثانية وكذلك في الثالثة، قال أبوهريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه، فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله ليست لمن أشرك بالله ولا تكون إلا بإذن الله" وحقيقة الأمر أن الله هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافع الذي أذن له أن يشفع ليكرمه بذلك وينال المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، كما كان صلى الله عليه وسلم في الدنيا يستسقي لهم ويدعو لهم، فمقصود القرآن بنفي الشفاعة نفي الشرك وهو أن لا يعبد إلا الله ولا يدعى سواه ولا يسئل غيره ولا يتوكل على غيره لا في شفاعة ولا غيرها، فليس له أن يتوكل على أحد في أن يرزقه وإن كان الله يأتيه بأسباب، وحينئذ فالمشركون جميعا لم يكونوا جاحدين يرب العالمين، ولا قال أحد قط من الآدميين أن الشمس أو القمر أو شيئا من الكواكب أبدع السموات أو غيرها بل عباد الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب يعبدونها كما يعبد عباد الأصنام الأصنام بل قد يجعلونها شفعاء ووسائط بينهم وبين رب العالمين كما قال تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} حتى الثنوية من المجوس يقولون أن العالم صادر عن أصلين، النور والظلمة، والنور عندهم هو إله الخير المحمود والظلمة هي الإله الشرير المذموم، وبعضهم يقول أن الظلمة هي الشيطان. ومنهم من قال إن الظلمة قديمة أزلية مع أنها مذمومة ليست مماثلة للنور ومنهم من قال بل هي حادثة، وأن النور فكر فكرة رديئة فحدثت الظلمة عن تلك