البلقاء من أرض الشام متشبها بأهل البلقاء وهو أول من سيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحام. قال الشيخ: ومعلوم أن العرب قبله كانوا على ملة أبيهم إبراهيم، على شريعة التوحيد والحنيفية السمحة دين أبيهم إبراهيم، فتشبهوا بعمرو بن لحي وكان عظيم أهل مكة يومئذ لأن خزاعة كانوا ولاة البيت قبل قريش وكانوا سائر العرب متشبهين بأهل مكة لأن فيها بيت الله وإليه الحج. فتشبه عمرو بمن رآه في الشام واستحسن بعقله ما كانوا عليه ورأى أن في تحريم ما حرمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي تعظيما لله ودينا فكان ما فعله أصل الشرك في العرب وأصل تحريم الحلال فلم يزل الأمر يتزايد ويتفاقم حتى غلب الشرك بالله عز وجل وتغير دينه الحنيف إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فأحيا ملة إبراهيم عليه السلام وأقام التوحيد وحلل ما كانوا يحرمونه، وقوله فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني كما في الحديث الطويل الذي رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه "أن رسول صلى الله عليه وسلم أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" وكذلك عبادة الأحبار والرهبان لم تكن لاعتقادهم فيهم مشاركة الله في ربوبيته بل كان اعتقادهم كما قال الربيع بن أنس: "قلت لأبي العالية: كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل، قال: كانت الربوبية أنهم وجدوا في كتاب الله ما أمروا به ونهوا عنه، فقالوا: لن نسبق أحبارنا بشيء: فما أمرونا به ائتمرنا، وما نهوا عنه انتهينا، فاستنصحوا الرجال، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم"، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم أو صاموا لهم، أو دعوهم من دون الله، وفى حديث عدي بن حاتم الذي رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني، فسمعه يقرأ هذه الآية قال: فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال: فقلت بلى، قال: فتلك عبادتهم" والصنم هو الوثن جمعه أصنام وهو ما قصد