الصفة كقوله {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}{إننِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} وقوله: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} وقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} وقوله: {عَلِمَ اللَّهُ أنكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانونَ أنفُسَكُمْ} ونظائر ذلك كثيرة؛ ويصرح في الفوقية بلفظها الخاص وبلفظ العلو والاستواء، وأنه في السماء، وأنه ذو المعارج، وأنه رفيع الدرجات، وأنه تعرج إليه الملائكة وتنزل من عنده، وأنه ينزل من عنده، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وأن المؤمنين يرونه بأبصارهم عياناً من فوقهم، إلى أضعاف ذلك مما لو جمعت النصوص والآثار فيه لم تنقص عن نصوص الأحكام، ومن أبين المحال وأوضح الضلال حمل ذلك كله على خلاف حقيقته وظاهره ودعوى المجاز فيه والاستعارة وأن الحق في أقوال النفاة المعطلين وأن تأويلاتهم هي المرادة من هذه النصوص، إذ يلزم من ذلك محاذير ثلاثة لابد منها وهي القدح في علم المتكلم بها أوفي بيانه أوفي نصحه، وكان ورثة الصابئة وأفراخ الفلاسفة وأوقاح المعتزلة والجهمية وتلامذة الملاحدة أفصح منه وأحسن بيانا وتعبيرا عن الحق وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة. ولم يذكر المؤلف هنا بعض الأحاديث المثبتة لشيء من الصفات وإن كان قد ذكره في غير هذا الموضع من هذه الرسالة. والإشارة في قوله فإن في ذلك راجعة إلى النصوص الواردة في الكتاب، والسنة، من إثبات صفات الرب ونفي المماثلة عنه يعني فيما ذكر من إثبات لصفات، تفصيليا لا إجماليا ما هدى الله به أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية الذين تلقوا ما ورد في الكتاب، والسنة، بالقبول ورضوا لله ما رضيه لنفسه، فهذه يعني الإثبات المفصل والنفي المجمل واثبات ذلك للرب سبحانه هي طريقة الرسل عليهم الصلاة والسلام إثباتا بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تعطيل، وقوله:"من إثبات الوحدانية" يشير إلى أن الله سبحانه كما أنه لا مثل له ولا شبه له فهو كذلك واحد لا شريك له في ألوهيته.