خشية التشبيه، هذا تقرير شبهتهم، ولكن آل بهم إغراقهم في نفي التشبيه إلى أن وصفوه بغاية التعطيل، ثم أنهم لم يخلصوا مما فروا منه بل يلزمهم على قياس قولهم أن يكونوا قد شبهوه بالممتنع الذي هو أخس وأفضع من الموجود والمعدوم الممكن ففروا في زعمهم من التشبيه بالموجودات والمعدومات، ووصفوه بصفات الممتنعات، التي لا تقبل الوجود، بخلاف المعدومات الممكنات، وتشبيهه بالممتنعات شر من تشبيهه بالموجودات والمعدومات الممكنات، وما فرمنه هؤلاء الملحدة. ليس بمحذور، فإنه إذا
سمي موجوداً قائماً بنفسه، حيا عليماً، رؤوفاًً، رحيماً، وسمي المخلوق بذلك لم يلزم من ذلك أن يكون مماثلا للمخلوق أصلا ولو كان هذا حقاً لكان كل موجود مماثلا لكل موجود، ولكان كل معدوم مماثلا لكل معدوم، ولكان كل ما ينفى عنه شيء من الصفات مماثلا لكل ما ينفى عنه ذلك الوصف. ثم ذكر المؤلف أن سلبهم للنقيضين أمر ممتنع، وامتناعا واضح بديهي عند ذوي العقول، "والبديهي جمعه بديهيات "وهي العلوم الأولية التي يجعلها الله في النفوس ابتداءاً بلا واسطة، وهي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين فهي لا تحتاج إلى تأمل ونظر وتفكير.
ثم بين أن هؤلاء النافين لأسماء الله وصفاته قد حرفوا بتأويلاتهم الباطلة ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا استنادا إلى أقيستهم الفاسدة وتأويلاتهم الباطلة وبين المؤلف أن سلب النقيضين مثل جمع النقيضين كل منهما ممتنع فقولك زيد موجود معدوم الآن ممتنع وقولك زيد لا موجود ولا معدوم الآن ممتنع أيضا.