ش: يعني أن العلم بوجود الله أمر ضروري، فطري، وإن كان يحصل لبعض الناس ما يخرجه إلى الطرق النظرية، فنحن نشاهد حدوث الحيوان والنبات، والمعادن وحوادث الجو، كالسحاب، والمطر، وغير
ذلك، وهذه الحوادث لم توجد من غير موجد، ولا هي أوجدت نفسها كما قال تعالى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ومعلوم أن الشيء لا يوجد نفسه، فالممكن الذي ليس له من نفسه وجود ولا عدم لا يكون موجوداً بنفسه بل أن حصل ما يوجده وإلا كان معدوما.
وقوله "لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم" هو شرح لقوله -واجب بذاته- والغنى عما سواه هو القائم بنفسه، ليس محتاجا إلى غيره في شيء من الأمور، يقول تعالى:{يا أيهَا النَّاسُ أنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وغناه شامل وخزائنه ملأى: {وَإن مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} وقول المؤلف "قديم أزلي" القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن هو المتقدم على غيره، فيقال هذا قديم للعتيق، وهذا حديث للجديد، ولم يستعمل هذا إلا في المتقدم على غيره -لا فيما لم يسبقه عدم- كما قال تعالى:{حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} والعرجون القديم هو الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الحديث قيل للأول قديم وأما إدخال القديم في أسماء الله تعالى فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف، وحيث أن التقدم في اللغة مطلق لا يختص بالمتقدم على الحوادث كلها وأسماء الله هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به فلا يكون القديم من الأسماء الحسنى، وجاء الشرع باسمه الأول وهو أحسن من القديم لأنه يشعر بأن ما بعده آيل