الذين بعث فيهم، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول:"من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"، وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما:"يا معشر القراء، استقيموا وخذوا طريق من كان قبلكم، فوالله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم. ضلالا بعيدا"، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط لنا خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} ، وقد أمرنا سبحانه أن نقول في صلاتنا:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون" وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه والنصارى عبدوا الله بغير علم ولهذا كان يقال: "تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون"، وقال تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة وقرأ هذه الآية"، وكذلك قوله تعالى:{ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فأخبر أن هؤلاء مهتدون مفلحون وذلك خلاف المغضوب عليهم والضالين.
فنسأل الله أن يهدينا وسائر إخواننا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم