قولهم" أن الله ليس بجسم ولا عرض ولا متحيز" والإضافات: هي الأمور المتضايفة التي لا يعقل الواحد منها إلا بتعقل مقابله، وذلك مل قولهم "أن الله مبدأ الكائنات وعلة الموجودات" وقوله: دون صفات الإثبات يعني أن الله في زعمهم مجرد عن جميع الصفات الثبوتية، ليس له حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا كلام، وقوله "وجعلوه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق" يعني أن منتهى قولهم أن وجود الله مشروط بسلب كل أمر ثبوتي وعدمي أو بسلب الأمور الثبوتية، كما يقول بعضهم، ومعلوم بصريح العقل الذي لم يكذب قط أن هذه الأقوال باطلة متناقضة، وهذا معنى قول المؤلف "وقد علم بصريح العقل أن هذا لا يكون إلا في الذهن لا فيما خرج عنه من الموجود" ففيه إضافة الصفة إلى الموصوف: ومعنى هذا أن من سلبت عنه الصفات الثبوتية والعدمية لا وجود له في الواقع والخارج المشاهد، وإنما يتصوره الذهن فقط، والوجود المطلق ومثله الإنسان المطلق والحيوان المطلق، والجسم المطلق، ونحو ذلك من الحقائق إنما توجد في الأذهان ولا وجود لها في الأعيان، وإنما الذي يوجد في الشاهد هو الإفراد -مثل زيد وعمرو وشبه ذلك - وإذا جعلوا الله هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق. لم يجز أن ينعت بعت يوجب امتيازه فلا يقال هو واجب بنفسه، ولا ليس واجبا بنفسه، فلا يوصف بنفي ولا إثبات، لأن هذا نوع من التمييز
والتقييد وهذا حقيقة قول القرامطة وأشباههم، وهذا معنى قول المؤلف فيما سبق عنهم وقاربهم طائفة من الفلاسفة فهذا وجه مقاربتهم إياهم في هذا المذهب حيث يمتنعون عن وصفه بالنفي والإثبات، ومعلوم أن الخلو من النقيضين ممتنع، كما أن الجمع بين النقيضين ممتنع، فلزمهم أن يكون الوجود الواجب الذي لا يقبل العدم هو الممتنع الذي لا يتصور وجوده في الخارج وإنما يقدره الذهن تقديراً، كما يقدر كون الشيء موجوداً معدوماً، أو لا موجوداً ولا معدوماً، فلزمهم الجمع بين النقيضين والخلو عن النقيضين وهذا من أعظم الممتنعات والمطلق هو ما دل على الحقيقة، بلا قيد فهو