للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: يعني هذه الطوائف كلها سلكت هذا المسلك في صفات الله، خشية من محذور هو التشبيه ولكنها وقعت في تشبيه نظير الذي فرت منه، ووجه ذلك إنهم فروا من تشبيه الله بالحي الموجود، إلى تشبيه بالمعدوم، حيث وصفوه بصفات لا تنطبق إلا على المعدوم، بل وشبهوه بالأشياء الممتنعة، حيث وصفوه بصفات لا تنطبق إلا على مستحيل الوجود، مع أنهم بنفيهم لصفات الله، وتشبيههم إياه بالمعدوم، قد حرفوا كلام الله عن مواضعه، وعطلوا النصوص عن مدلولها، وقوله: "ولو أمعنوا النظر" يعني لو دققوا ونظروا بعين البصيرة والإنصاف لسووا بين الأمور المتماثلة، وفرقوا بين الأمور المختلفة، فمن يثبت الاسم وينفي الصفة ومن يثبت بعض الصفات وينفي البعض الآخر مفرق بين متماثلين، فباب الأسماء والصفات واحد فإن كان هناك محذور في إثبات الصفة فهو موجود في إثبات الاسم وكذلك أن كان هناك محذور في إثبات بعض الصفات فهو موجود في إثبات البعض الأخر وسيَأتِي لذلك أمثلة عديدة في كلام المؤلف، ومن يجعل العلم هو القدرة والسمع هو عين الكلام قد سوى بين مختلفين، فالعلم ضد الجهل والقدرة ضد العجز وهكذا، وكذلك من جعل العلم عين العالم فالذات شيء وصفة الذات شيء آخر كما تقتضيه المعقولات يعني أن العقل المدرك للأمور يقتضي التسوية بين الأمور المتماثلة والتفريق بين الأمور المختلفة، وقوله "ولكانوا" معطوف على قوله "لسووا" فلو دققوا النظر لم يفرقوا بين أمور متماثلة، ولم يسووا بين أمور مختلفة، ولكانوا من جملة أهل السنة والجماعة الذين يعلمون أن ما أنزل إلى الرسول في باب أسماء الله وصفاته وسائر ما أنزل عليه هو الحق من ربه فلا تحريف، ولا تأويل، ولا تمثيل، هذا هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من ربه هو الحق الهادي إلى صراط الله العزيز الحميد، أما زبالة أذهان هذه الطوائف، ونحاتة عقولهم الملوثة بالخرافات والبدع فهي التي ينبغي أن تطرح لأنها لا تهدي إلا إلى الحيرة والشكوك ولكن واقع هؤلاء أنهم ليسوا من أهل العلم الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>