للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: يعني أن الله سمى نفسه بأسماء ووصف نفسه بصفات، كما سمى بعض خلقه بأسماء ووصفهم بصفات، وتلك الأسماء والصفات لكل من الخالق والمخلوق تتفق عند الإطلاق وتختلف عند الإضافة

والتخصيص، وأصل هذا أن ما يوصف الله به، ويوصف به العباد يوصف الله به على ما يليق به ويوصف به العباد على ما يليق بهم، وذلك مثل الحياة والعلم، والقدرة، والسمع " والبصر، والكلام، فإن الله له حياة، وعلم، وقدرة، وسمع، وبصر وكلام، فكلامه مشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه، والعبد له حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام، وكلام العبد مشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه، فالصفات لها ثلاثة اعتبارات، تارة تعتبر مضافة إلى الرب، وتارة تعتبر مضافة إلى العبد، وتارة تعتبر مطلقة، لا تختص بالرب، ولا بالعبد، فإذا قال العبد حياة الله، وقدرة الله، وكلام الله، ونحو ذلك فهذا كله غير مخلوق ولا يماثل صفات المخلوقين وإذا قال علم العبد وقدرة العبد وكلام العبد فهذا كله

مخلوق ولا يماثل صفات الرب، وإذا قال: العلم والقدرة والكلام فهذا مجمل مطلق لا يقال عليه كله أنه مخلوق ولا أنه غير مخلوق، بل ما اتصف به الرب من ذلك فهو غير مخلوق وما اتصف به العبد من ذلك فهو مخلوق: فالصفة تتبع الموصوف، فإن كان الموصوف هو الخالق فصفاته غير مخلوقة، وإن كان الموصوف هو العبد المخلوق فصفاته مخلوقة، وقوله: " ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماها" الخ: يعني فلا يلزم من اتفاق المسميين في المعنى العام تماثل مسماهما ولا اتحاده عند التجريد عن الإضافة وهو

الإطلاق كما أنه لا يلزم تماثل مسماها في حالة الإضافة والاختصاص فضلا عن اتحاد مسماها في هذه الحالة. فذلك منفي بطريق الأولى فلا تماثل في الحالتين بين المسميين وبطريق الأولى لا اتحاد بينهما: وإنما يحصل اشتراك بينهما في المعنى العام عند الإطلاق، وعبارة المؤلف هنا موهمة أنه يحصل تماثل واتحاد بين المسميين في حالة الإطلاق وهذا غير مراد المؤلف، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>