إلى قوله "ونظائر هذا كثيرة". يعني وهذه الآيات أيضا استشهد بها المؤلف على كون الله تعالى وصف نفسه بصفات ووصف عبده بصفات، والمكر فعل شيء يراد به ضده، والكيد الاستدراج كما في الآية الكريمة {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} قال ابن القيم رحمه الله تعالى:" إن الله سبحانه وتعالى يكيدهم كما يكيدون دينه ورسوله وعباده" وكيده سبحانه استدراجهم من حيث لا يعلمون، والإملاء لهم حتى يأخذهم على غرة فإذا فعل ذلك أعداء الله بأوليائه ودينه كان كيد الله لهم حسنا لا قبح فيه، فيعطيهم ويعاقبهم ويستدرجهم من حيث لا يعلمون" ومكره سبحانه بأهل المكر، مقابلة لهم بفعلهم عمل ممدوح لا ذم فيه وجزاء لهم من جنس عملهم، قال تعالى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وهذه التفاسير المتقدمة للمكر والكيد ليست من باب التأويل الذي ينكره أهل السنة والجماعة، بل من باب التفسير فإن جميع الصحابة والتابعين يصفون الله سبحانه وتعالى بأنه شديد القوة، وكذلك شديد المكر، وشديد الأخذ، كما وصف نفسه بذلك في غير آية من كتابه كقوله:{إن أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد} وقوله: {وَإن رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} فيعرفون معانيها ولكن لا يكيفونها ولا يشبهونها بصفات المخلوقين. وهذا مجمع عليه بين أهل السنة، وقوله في سبع مواضع، يعني كما في سورة الأعراف {إن رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وفي سورة يونس {أن رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وفي سورة الرعد {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وفي سورة طه {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وفي سورة الفرقان {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} وفي سورة السجدة {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وفي سورة الحديد {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} .