"أحدهما" أن يقال القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر" يعني أول الأصلين الشريفين المتضمنين إيضاح القاعدة الماضية هو أن الكلام –في باب الصفات واحد- ومن يحاول إثبات البعض ونفي الآخر يقع في التناقض والاضطراب لا محالة وقوله: فإن كان المخاطب ممن يقول"بأن الله حي" الخ: يعني إذا كان البحث والمناقشة مع المنتسب للأشعري فإنه هو الذي يثبت هذه الصفات السبع، وينازع في بقية الصفات، ويجعل نسبتها إلى الله على سبيل المجاز ويسلك في ذلك أحد طريقين، إما تأويل الصفة بصفة أخرى-كتفسيره المحبة بالإرادة- وإما تفسير الصفة ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات، مثل تفسيره اليد بالنعمة، وتفسير الغضب بالعقوبة، فإنه يقال له حينئذ لا فرق بين الصفة التي تثبتها والصفة التي تنفيها من حيث لزوم المحذور وعدم لزومه، فدلالة النصوص على أن له محبة ورحمة، وغضبا ورضا، وفرحاً وضحكاً، ووجهاً ويدين، كدلالة النصوص على الصفات السبع-فلم نفيت حقيقة رحمته ومحبته ورضاه وغضبه وفرحه وضحكه وأولتها بصفة الإرادة؟ فإن قلت إن إثبات الإرادة لا يلزم منه تشبيه وتجسيم، وإثبات حقائق هذه الصفات يستلزم التشبيه والتجسيم، فإنها لا تعقل إلا في الأجسام، فإن الرحمة رقة تعتري طبيعة الحيوان، والمحبة ميل النفس لجلب ما ينفعها، والغضب غليان دم القلب لورود ما يرد عليه، قيل لك: وكذلك الإرادة هي ميل النفس إلى جلب ما ينفعها ودفع ما يضرها، وكذلك جميع ما أثبته من الصفات إنما هي أعراض قائمة بالأجسام في الشاهد فإن العلم انطباع صورة المعلوم في العالم أو صفة عرضية قائمة به وكذلك السمع والبصر والحياة أعراض قائمة بالموصوف، فكيف لزم التشبيه والتجسيم من إثبات تلك الصفات ولم يلزم من إثبات هذه، فإن قلت أنا أثبتها على وجه لا يماثل صفات المخلوقين، قيل لك: هكذا القول في سائر الصفات تثبت لله كما أثبتها لنفسه على وجه لا يماثل فيها صفات المخلوقين. فإن قلت: هذا لا يعقل